منذ زمن ليس بالقصير كتبت وغيري عن الناشطين والناشطات السعوديين، ممن يتاجرون بقضايا المجتمع، ويوهمون الناس أنهم مهتمون بقضاياهم وهم لتلميع أنفسهم يردحون. ما كنت لأعيد الحديث عن هذا الأمر الذي أساء لكل القضايا المشروعة من قيادة المرأة للسيارة وتمكينها من العمل والاهتمام بشؤونها وقضايا أحوالها الشخصية في المحاكم وأقسام الشرطة، لولا أن فاجأتنا الزميلة نادين البدير في برنامجها بقناة «روتانا خليجية» بحلقة ردح نسائي من العيار الثقيل، اجتمعت فيها كل متناقضات الناشطات والناشطين، من شوهوا مسيرة الإصلاح في بلدنا. السيدة روضة سافرة الوجه تقف ضد قيادة المرأة للسيارة. والسيدة هيفاء منتقبة تزعم أنها مؤيدة لذلك. ورويدا رويدا يبدأ التنابز بينهما: أنا سعودية الأصل والمنشأ. وأنت فقيرة. وهل لديك سائق؟ والأخرى تعايرها: أنت متناقضة ترتدين النقاب على الشاشة، وفي الخارج سافرة وتدخنين السجائر. حظيت هذه الحلقة من البرنامج بأكبر قدر من المشاهدة. ووصمت بأنها من أكثر الحلقات سوءا وتعرية للمدعيات و«المهايطيات» عن حقوق النساء. وتوالت التعليقات الساخطة عليهن وعلى مقدمة البرنامج التي لم تحسن الاختيار ولم تستطع إدارة حلقة الردح الحريمية. بدا لي أننا كنا محتاجين إلى هذه الحلقة التي أتحفتنا بها نادين البدير، فبعد تخلصنا من صدمة الحوار الهابط بين الاثنتين، اتضح لنا أننا نعيش في مسلسل أكاذيب مكسيكي عنوانه «الناشطون والناشطات ومتلازمة الكذب والادعاء»، فهل لذلك علاقة بشعورهم بالنقص؟ ومحاولة التعويض لدى من يضطهدون نساءهم وبناتهم ويحاولون تعويض ذلك بالظهور بمظهر الأسوياء، وكذلك الأمر لدى من يزعمن أنهن ناشطات، حيث يحاولن إخفاء حقيقتهن المرة يتجملن بالزعم والادعاء. لا يوجد بلد في كل الدنيا يطفح بمثل هؤلاء الأدعياء من الجنسين، الذين أساؤوا للقضايا الحقيقية سواء للمرأة أو غيرها، ويصل الأمر ببعضهم إلى محاولة الاحتكاك بالمسلمات والثوابت من أجل أن يشار إليهم بالبنان في شبكات التواصل الاجتماعي أو منتديات الإنترنت.