ماهي «اللحظات» التي لا تزال تحمل ذكريات تنخر بالذاكرة، بينما الآلاف من الساعات طوتها صفحة النسيان؟ هي تلك اللحظات التي قضيناها مع من نحب، هذه اللحظات الشفافة سطرها بعض المحبين على طريقتهم الخاصة أملا في اقتناص السعادة التي غمرتهم حين كان المحب أغنية الصباح وترنيمة المساء! فنحن نسطرها لأننا لا نريد لها أن تستيقظ من الذاكرة، ولا أن تتجاوز عتبات حواسنا! نريد لها أن تنبض وتمد حواسنا المتعبة بأدرينالين الحب! «ليندا ايفانز» أغرمت بالعازف المشهور «ياني» قبل أن تراه، وعندما ذهبت للسلام عليه جلسا معا في حديث مطول كان بداية لقصة الحب الجميلة بينهما استمرت تسع سنوات، صرح فيها ياني بأن ليندا كانت ملهمته لأجمل القطع الموسيقية التي ابتكرها! وهكذا فعل «جون لينون» عضو فرقة البيتلز عندما أغرم باليابانية يوكو، فأصدر أغاني تحمل اسمها. ولم يكن هذا التخليد يمر مرور الكرام، إذ أكملت هي المشوار بعد اغتياله، فأصدرت جائزة للسلام تمنحها لفنانين يعملون في مناطق الأزمات والنزاعات، علاوة على اللوحات الإعلانية الضخمة التي استأجرتها في لندن وطوكيو ونيويورك لترويج دعوة السلام التي دعا لها جون لينون، ثم دشنت نصبا وهو برج في أيسلندا ففي كل عام في الفترة بين 9 أكتوبر و8 ديسمبر يطلق شعاعا من الضوء تجاه السماء. وشيد الملك شاه جهان في القرن السابع عشر الضريح الشهير «تاج محل» وهو محرف عن الاسم الذي كانت تحمله الأميرة «ممتاز محل» ليضم رفات زوجته التي تدله في عشقها. واستغرق إنجازه 22 سنة. وقد يحدث أن يكون التخليد من الآخرين، فمنزل جولييت محبوبة روميو ظل حتى الآن مزارا للمحبين من أرجاء العالم يتوافدون لرؤية المكان الذي كان شاهدا على أشهر قصة حب شهدها التاريخ. وليس بالضرورة أن يكون العمل شيئا محسوسا، فالشاعر إبراهيم ناجي كتب قصيدة الأطلال في الممثلة «زوزو حمدي» وغنتها كوكب الشرق أم كلثوم، وقال مطلعها: «يا فؤادي رحم الله الهوى كان صرحا من خيال فهوى» لكن أم كلثوم غيرتها إلى: «يا فؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحا من خيال فهوى». وكذلك قصيدة «أنا وليلى» لحسن المرواني الذي أحب فتاة صدته، فمكث حبه عدة سنوات ثم كتب قصيدة وقعت عليها عين المطرب كاظم الساهر فبحث عن المرواني طويلا حتى وجده في ليبيا فاستأذنه في غنائها. وأصدر الكاتب سليم نصيف كتاب «عشقتك لصوتك» باللغة الإنجليزية عن الحالة الخاصة التي ربطت بين الثنائي العملاق أم كلثوم والشاعر أحمد رامي الذي كتب لها 137 أغنية من إجمالي قصائده الغنائية التي بلغت 283، ثم توقف عن الكتابة بعد وفاة أم كلثوم حتى رحيله عام 1981. وفي كتاب رائع وممتع هو بمثابة «ألبوم» بمئتي صورة، يسرد الممثل النجم آلان دولون قصص الحب والعشق التي عاشها في كل مراحل حياته، ويطلق سلسلة أسماء لنساء تركن أثرهن في حياته، ليجمعها في كتاب تحت عنوان: «نساء حياتي».. يقوم دولون هنا ب«مسح عاطفي» لجميلات جعلن قلبه يخفق، ويقول أيضا إنه مخلص لذكراهن: «في الحب أو الصداقة أو الزمالة، كلهن أثرن في عواطفي، هناك من أعطتني أول دور سينمائي، ومن أعطتني أول ولد، أو أول ضحكة أو دمعة..».