سأل أحد حكماء العصر رواد مجلسه قائلا: أي السيارات أسرع؟ فجاءته إجابات متعددة عن ماركات سيارات كل يرى أنها الأسرع ولكن إجاباتهم لم تشف غليل سؤاله؛ ما جعله يعيد طرح السؤال على أبعدهم عنه، وكأنه يعرف أنه سيفهم مغزاه، فأجابه: بأن أسرع السيارات سيارة السفيه! وضحك الحاضرون، واستطرد المجيب أن الشاهد على ذلك الشوارع فالذين يسرعون بتهور في الشوارع المكتظة هم بالتأكيد ليسوا عقلاء؛ لأنهم لا يراعون مقاييس السرعات بين شارع فرعي وطريق رئيسي. وهو يقصد بالطبع أن السيارات جميعها سريعة، ولكن العبرة في حسن القيادة. يستفزني دائما الذي يشغلني بالتأشير بالأنوار من بعيد ويزعجني بالمنبه إذا اقترب ويريد أن أفسح له والمجال لا يسمح وسرعتي معتدلة؛ ما يضطرني إلى أن أتخلص منه بأي طريقة ثم ينطلق بسرعة صاروخية, وبهذه الأثناء يصرخ ابني الصغير بلغته الطفولية: «ألحقه يا بابا.. أسرع ..ادعس لا تخليه يسبقنا». أرد عليه: السرعة خطيرة يا ابني, ممكن ينقلب ويتسبب في حادث ويموت أحد. يعاود: لا، يا بابا أنا أسرع في «البلاي استيشن» واصدم وانقلب وما أموت. وأبقى معه في جدلية كلما تجاوزتنا سيارة ما يجعلني أشك أن كثيرا من المتهورين الذين يعتقدون أن الطرقات لهم وحدهم قد تعلموا القيادة من خلال ألعاب الفيديو، حينما كانوا صغارا وتأثروا بها بعدما كبروا، وذلك بتطبيقهم معاييرها على أرض الواقع بسبب غياب دور مدارس تعليم قيادة السيارات التي يجب أن تتواصل مع السائقين بإعطائهم جرعة مرورية مع كل تجديد رخصة؛ حيث إن غيابها يكشف واقعا مروريا غير منضبط أولوية السير فيه للمتهور.