يعتبر اللاجئون الأفارقة أبرز الضحايا الجانبيين في النزاع الليبي الذين نساهم الجميع بعد أن تحولوا إلى مهاجرين يبحثون عن طرق الفرار، حيث يضطرون لمغادرة البلاد على متن زوارق هشة يغرق بعضها قبل الوصول إلى بر الأمان في أوروبا. واختفى زورق كان على متنه 600 شخص أبحر من ليبيا إلى إيطاليا، ويبدو أنه غرق قبالة سواحل طرابلس. وهذا آخر حادث من سلسلة كوارث لحقت بزوارق مكتظة بمهاجرين كانوا يتطلعون إلى مستقبل أفضل في أوروبا. وقبل اندلاع المعارك المستمرة منذ نحو ثلاثة أشهر بين قوات الزعيم معمر القذافي والثوار، كانت السلطات الليبية تمنع إبحار المهاجرين، خاصة الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء نحو أوروبا. ولم تكن هناك أي فرصة للمغادرة حيث كانت الدوريات في كل مكان على الساحل. لكنها الآن هي التي تنظم كل ذلك عبر رحلات خطيرة على متن زوارق تكلف المهاجرين مئات وربما آلاف الدولارات، وبعض ضباط البحرية يرافقونهم في مراكبهم المهترئة حتى المياه الدولية ويعطون تعليمات للقبطان مقابل أموال. ويشتبه البعض، أن القذافي يستخدم عمدا موجات جديدة من المهاجرين المعوزين، إضافة إلى عشرات الآلاف الذين فروا من تونس، ويضرب بهم جدران القارة العجوز لتوفير الضغط على الاتحاد الأوروبي والناتو لمزيد من التفكير حول تداعيات تغيير النظام. والدليل على ذلك ما صرح به عدد من الناجين من أولئك المهاجرين إلى مسؤولين من الأممالمتحدة، من أن السلطات الليبية هي التي تشرف على تهجيرهم إلى السواحل الأوروبية بعد أن تجردهم من كل ثمين لديهم وتضعهم في مراكب دون بحارة وغير صالحة للإبحار. وقد يكون الأمر برهانا على أن هذا البلد المنقسم لم يعد قادرا على مراقبة حدوده، ولكن البعض يشتبهون في نوايا سلطات طرابلس، ويعتقدون أن القذافي يستخدم موجات جديدة من المهاجرين الأفارقة الفقراء لضرب أسوار القلعة الأوروبية، بعدما أخفقت الدبلوماسية، وأنهكت قواته ضربات حلف شمال الأطلسي العسكرية المتلاحقة. وعلى الرغم من إنكار نظام القذافي، فإن الأمر غير مستبعد لأن السلطات الليبية تدرك أهمية ورقة الهجرة على الصعيد الداخلي في أوروبا. وعلى الحكومات الأوروبية عدم الانسياق، وإفشال محاولات القذافي، باستقبال هؤلاء المهاجرين بما يحفظ كرامتهم الإنسانية. * كاتب بصحيفة «الجارديان» البريطانية