الحياة سؤال لا إجابة له إلا الموت..! والاستفهام خلق منذ أن خلق آدم بل قبله ليتداعى الوجود أسئلة تلو أخرى.. فتعاقبت الإنسانية على ردم الاستفهامات بإجابات متفاوتة في الطول والعرض والإقناع أيضا.. وفي كل مرة تنتج لها الحياة أسئلة أكبر.. وتلك لا اعتراض عليها فهي سنة الله التي لن تجد لها تبديلا.. ولكن الاعتراض كله على محاربة الاستفهام وحجب الأسئلة المحيرة ولو كانت في صميم الدين والمسلمات.. ولأن العقل الإنساني السليم عقل جبل على السؤال وعلامة الاستفهام، إذ هي الميزة التي نميزه بها عن سائر العقول التي سلبت منها نعمة الإدراك إما لمرض أو خلق أراده الله.. كان حريا بنا أن نرحب بالسؤال دليلا على الحياة العقلية السليمة لكن أن نكمم العقول بالمنع.. ونشنق الأفواه بضجيج أحرفها فتختنق الأرواح بالكلمات متجاهلين حاجة السائل لإجابة شافية هذا مبعث السقم والأوبئة. في هذا العصر بالذات تختلط الأمور وتقترب المتشابهات وينبت مع التطور شبهات، فمن الطبيعي أن يسأل الإنسان بحثا عن إجابة شافية لا مسكنة أو مضللة.. فلو أننا رفضنا الأسئلة وحرمنا إلقاءها واتهمنا من يلقي بها بالمجادلة بلا هدف أو حتى قصد زعزعة إيمان ومسلمات فإننا سنكون أكبر مصنع يورد الملاحدة وبيئة خصبة لوأد السؤال الحياة.. في حين أن فتح آفاق أرحب للحوار وخوض الحديث في أسئلة الحائرين واحترام بحثهم عن الجواب خير من تسكينها أو تسكيتها بالأصح فيصلون لمرحلة الانفجار.. لا تخرج مفاهيم الدين عن تحفيز ملكة التدبر والتفكر، ومع ذلك نبدع في سجن العقول بحجة سد الذرائع وتجريم الأسئلة.