* كاتب بصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تدور أسئلة كثيرة هذه الأيام إذا ما كانت الاحتجاجات الشعبية العربية قادرة على تشكيل تحديات أمام مستشاري الأمن القومي الأمريكي.. خاصة في ظل توسعها وانتشارها واتخاذها أشكالا متعددة في الساحة العربية، وفي ظل أثرها على المصالح الأمريكية. ويبرز في هذا المجال المستشار توم دونيلون، المقرب من الرئيس أوباما والذي يوصف ب«رجل المرحلة والسياسي»، وذلك لأنه يشكل الصيغة الأمريكية النهائية تجاه الاحتجاجات العربية التي من شأنها التأثير في خريطة السياسات الخارجية لعقود مقبلة. ولا تزال الاستراتيجية الأمريكية تجاه ما يجري في الساحات العربية قيد التشكل، حيث يحاول دونيلون أن يقدم لأوباما مبادرات واضحة تتمثل في دعم الرئيس للمعارضين.. ولكن المشكلة تكمن في أن الاحتجاجات آخذة في التفاقم والانتشار حتى باتت تثير توترا بين المصالح والقيم الأمريكية نفسها، بالدرجة التي بات فيها موظفو الأمن القومي يتأرجحون في أحايين كثيرة بين مدى التجاذبات التي تحدثها آثار الاضطرابات الشعبية في كل من مصر والبحرين وليبيا واليمن وأيضا في سورية على شكل توتر وصراع بين المصالح الأمريكية من جهة، والقيم من جهة أخرى. لقد تعلم أوباما الكثير من الاحتجاجات العربية وبطرق مختلفة، ففيما يتعلق بمصر وليبيا انحاز البيت الأبيض إلى القيم وقام بدعم الثورتين من أجل التغيير. وأما في البحرين واليمن، فإن الإدارة الأمريكية، رغم تعاطفها مع مبادئ التغيير، جرت وراء تأييد المصالح وبالتالي استقرار الأوضاع. أما الاختبار الأصعب الذي ينتظرها، فإنه يتمثل في سورية، حيث شرع الرئيس بشار الأسد في اتباع سياسة قمعية ضد شعبه الساعي للإصلاح، وبات ينادي بإسقاط النظام نفسه وليس مجرد إصلاحه بعد مقتل المئات من أبنائه. وفي سورية تلتقي وجهات النظر المتعلقة بكل من المصالح والقيم الأمريكية على حد سواء، وهي تلك المتمثلة في ضرورة إسقاط نظام الأسد الذي تعتبره واشنطن الحليف الرئيسي لإيران في العالم العربي، وفي نفس اللحظة يوجد تخوف بأن تؤدي الإطاحة بالأسد إلى اندلاع صراعات طائفية دموية في البلاد. ولذلك فإن دونيلون يبدو متريثا قليلا قبل أن يصوغ السياسة المناسبة تجاه سورية لأنه يريد أن تظهر أمريكا بالمظهر المرن.