إحدى الصديقات، جزاها الله عنا خير الجزاء، اقترحت على زميلات الدراسة اللقاء بمناسبة الإجازة وتقلص عدد المسؤوليات عن المعتاد، سعد الجميع بتلك المبادرة خاصة أن الغالبية العظمى لم تلتق منذ تخرجنا للماجستير من عام 2007 - 2008. وبعد أن حددنا الزمان والمكان اتصلت كي أحجز طاولة باسم «ماستر جروب» أو مجموعة الماجستير تكفي عددنا الذي توقعته أن يكون كبيرا بعض الشيء. وحينما كانت لحظة اللقاء، تقابلنا بالعناق والقبلات، نجتر أيام الدراسة التي كانت وقتها من أصعب اللحظات، أما الآن فهي من أجمل الذكريات. وبعد أن ارتشفت كل واحدة منا كوبا من القهوة أو كأسا من العصير المثلج بدأنا نتساءل ذلك السؤال الملح ألا وهو ما الذي آلت إليه كل واحدة منا بعد التخرج من الماجستير؟ لا أخفيكم سرا، فقد آلمتني الإجابات المتطابقة. فلم أجد واحدة من الحاضرات قد غنمت بفرصة وظيفية بسبب تلك الدرجة العلمية التي حاربت وناضلت من أجلها، لقد كنا نتنهد على تلك السنوات والليالي التي سرقناها من أعمارنا غير نادمين ولا مجبورين على ذلك. لقد كانت النسبة الكبرى منا تعمل في نفس الوظائف التي كانت قد تقلدتها من قبل الماجستير، والبعض الآخر قد حظي بوظائف ولكن ليس على درجة الماجستير. إحدانا ذكرت أنها وجدت عددا لا بأس به من الوظائف لكن الراتب لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال شهريا. ولا أعلم لماذا ترتكب هذه الجرائم بالشهادات العليا؟ إنها جريمة وأي جريمة تنتهك حقوق العلم والمتعلمين. وإنني أتساءل ويتساءل معي الكثيرون هل وصلنا إلى مرحلة من العلم والتقدم لا نحتاج فيها إلى هذه الفئة من المتعلمين؟ هل أصبح هؤلاء المتعلمون عبئا على الدولة والقطاعات التوظيفية بقسميها الحكومي والخاص؟ هل سنصل إلى مرحلة إيقاف الدراسات العليا بحجة أن سوق العمل لا تحتاج إليها؟ وإذا كانت هناك كفاية حدية من ذوي الشهادات العليا فلماذا فتح باب الابتعاث على مصراعيه؟ وأين سيتم تدشين المبتعثين والمبتعثات القادمين بشهادات عليا ذات قيمة عالمية مضافة؟ وماذا عن القيمة المحلية؟ هل سيتم وأدها قبل ينعها؟؟