أشك إن كان أحد من القراء الأعزاء يعرف من هو آدم عبدالله عثمان دار، رغم أن سيرة حياته المثيرة تختلف جذريا عن حياة أي رئيس عربي آخر. آدم هذا يا سادة يا كرام هو الذي تزعّم عصبة الشباب الصومالي وناضل طويلا حتى حقق الاستقلال لبلاده من إيطاليا. وحين استقلت الصومال عام 1960 كان هو وبجدارة الرمز الوطني الوحيد وبالتالي كان من الطبيعي انتخابه رئيسا للبلاد. حتى الآن تبدو الأمور طبيعية لرئيس عربي. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ خسر آدم عبدالله انتخابات عام 1967 التي نافسه فيها عبدالرشيد علي رئيس وزرائه السابق. هنا قام آدم عبدالله بفعل لم يسبقه أي رئيس عربي أو إفريقي إليه. ألا وهو تهنئة المنتصر والتنحي عن الحكم! عاد الرئيس المهزوم إلى قريته في الأرياف للإشراف على مزرعته ومن هناك شاهد اغتيال الرئيس الجديد ومن ثم الانقلاب العسكري الذي أوصل محمد سياد بري إلى الحكم. وأثبت الرئيس بري جزاه الله خيرا أن الصومال فعلا بلد عربي وإفريقي لا يقل عن جيرانه في الحكم الشمولي الرديء. فادعى أنه توصل إلى خلطة حكم مثالية عن طريق مزج الشيوعية بالإسلام، وأنه ألغى القبلية في بلاده، كما غزا إثيوبيا لتحرير ما سماه الصومال الإثيوبي وفشل في ذلك. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يعطي نظام بري المغذي الذي أبقاه في غرفة الإنعاش، دخلت البلاد في دوامة لم تخرج منها حتى الآن رغم مضي 20 عاما على بداية الحرب الأهلية. حاول صاحبنا «آدم» التدخل بالنصيحة عام 1990، أي قبل سقوط نظام بري بعام واحد إلا أنه وجد نفسه ملقى في سجن لم يخرج منه إلا بعد سقوط النظام، فعاد مرة أخرى لعزلته في قريته ومن هناك شاهد أمورا أسوأ، ألا وهي الحرب الأهلية التي دمرت الصومال تماما حتى وافته المنية عام 2007 عن عمر يناهز ال 99 عاما. رحمك الله وسامحك على تنحيك عن الحكم. كان يجب على شخص مثلك أن يزوّر الانتخابات أو حتى يمنعها، وألا يهاب أي ثورات شعبية أو اعتصامات!