طالب عدد من المختصين بإجراءات حازمة ضد المتهربين من تنفيذ الأحكام القضائية، الذي يستمر أحيانا أعواما طويلة؛ ما يجعل الأطراف المحكوم لها، تعيش في تجارب قاسية خاصة أن بعض المتهربين يلجؤون لتغيير مكان إقامتهم لعدم الاستدلال عليه. وتجيء هذه المطالبة على اعتبار أن التنفيذ والإلزام غاية للأحكام فكل إجراءات التقاضي وما يتعلق بها لا تكون معتبرة إذا لم تقترن بالتنفيذ، وهو أمر يصعب على المحكوم له فقد كفلت الدولة عبر مؤسساتها الإدارية تنفيذ تلك الأحكام الشرعية بعد اكتسابها الصفة القطيعة. ودعوا في تصريحات ل «شمس» إلى تنفيذ جملة من الإجراءات ومن بينها وقف سجلات المتهربين المدنية وكل الخدمات الأخرى، وتفعيل أدوار ضابط التنفيذ في المحاكم الشرعية وألا ينتهي دوره بتسليم الأحكام الشرعية لأصحابها وذلك حفظا لحقوق الآخرين وصيانتها. وأكد المستشار القانوني سلطان الحارثي ل «شمس» أن الأنظمة لا يعتريها أي عيب، لكن بعض الأشخاص يسيئون إليها خاصة ممن يمتلكون حيلا وأساليب ملتوية، مشيرا إلى أن كثيرا من الأحكام القضائية لم تنفذ بسبب تمييع من صدرت بحقهم تلك الأحكام لها والسير على طريقة «لم يتم الاستدلال عليه». وشدد على الجهات ذات العلاقة بأنه يجب أن تتعامل بحزم مع المتهربين من تنفيذ الأحكام والطلب من الجهات المختصة إيقاف سجلاتهم المدنية وكل الخدمات الأخرى بعد اكتساب تلك الأحكام القطعية في الحكم، وثبوت عدم تعاونهم في تنفيذها وبذلك لا يجد المتواطئ بدا من الرجوع إلى جادة الحق والصواب وإنفاذ الحكم الشرعي بإعطاء الحقوق لأصحابها والالتزام بما نص به الحكم. وأضاف مدير الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى الدكتور محمد السهلي ل «شمس» أنه يجب أن يتم تفعيل أدوار ضابط التنفيذ في المحاكم الشرعية وألا يقف دوره مع إرساله للحكم الشرعي للجهات التنفيذية، بل من الواجب عليه متابعة الأحكام مع جهات الاختصاص لضمان أخذها حيز التنفيذ، وفي ذلك حفظ لحقوق الآخرين وصيانة من عدم التجاوز، أيا كان على الأحكام الشرعية. أما عبدالرحمن العتيق من منسوبي الدعوة والإرشاد برئاسة الحرم المكي الشريف فذكر أن تلك الأحكام هي حقوق واجبة الإنفاذ كما أنه يأثم أصحابها من عدم الوفاء بها. وأشار إلى أن الإسلام حث على التعاون على البر والتقوى ومن الواجب قبل كل شيء مخافة الله عز وجل. وطالب العتيق من أقارب من تصدر في حقهم أحكام شرعية أن ينصحوهم بتنفيذها، محذرا أن من يشق على من ولاه الله رعايتهم وتسيير أمورهم فإن الله تعالى يشق عليه وأن المظالم تنتقم لأصحابها. إحدى السيدات أكدت ل «شمس» أنه مضى عليها عامان منذ أن أصدرت المحكمة العامة في مكة حكما ضد طليقها بالسماح لأبنائها بزيارتها، مشيرة إلى أن طليقها يستخدم كل حيلة لديه لتأجيل تنفيذ الحكم من قبيل «لم يتم الاستدلال عليه» وهي لا تدري متى ستتمكن من رؤية أطفالها. إلى ذلك أوضحت مصادر في وزارة العدل أن تنفيذ الأحكام القضائية مسؤولية الجهات الأمنية، وأن دور الوزارة ينتهي عند إصدار الأحكام من قبل المحاكم المختصة. من جانب آخر أشار الناطق الإعلامي بشرطة العاصمة المقدسة الرائد عبدالمحسن الميمان ل «شمس» إلى أن الشرطة والقطاعات الأمنية التابعة لها هي جهات إنفاذ ولا تتوانى أبدا في العمل على ضمان تنفيذ جميع ما تتضمنه الأحكام الشرعية. وذكر أن المكاتبات الرسمية من الجهات الحكومية الأخرى التي يتم توجيهها لجهاز الشرطة للبحث عن المطلوب تنفذ حيث تخطر الجهة المعنية عنه لاستكمال إجراءاتها بحقه. أما بخصوص العقوبات التي يمكن أن تقع على المتهربين فذكر أن الأمر من شأن الجهة المختصة، إن رأت معاقبتهم أو الاكتفاء بتنفيذ ما عليهم من أحكام شرعية. وكان القاضي بالمحكمة العامة في مكةالمكرمة الشيخ عبدالعزيز الشبرمي أكد الثلاثاء الماضي على شعبة الحقوق المدنية بالعاصمة المقدسة تسريع عملية إحضار طليق سيدة أبلغت عن اختفائه ثلاثة أعوام عقب أن حكمت لها المحكمة نفسها بتمكينها من رؤية طفلتيها اللتين في حضانته. وطالب القاضي جهات التنفيذ استخدام القوة الجبرية لو استدعى الأمر لجلب المذكور. وكانت السيدة أكدت للمحكمة أن كل محاولاتها للاستدلال على طليقها باءت بالفشل؛ الأمر الذي أدخلها في تجربة نفسية قاسية جدا بعد أن شعرت بأنه يمعن في إذلالها وعقابها بعد علاقة زوجية امتدت عشرة أعوام انتهت بالطلاق وحصوله على حضانة طفليهما بعد أن مكثا معهما مدة من الزمن، وهو ما دفعها إلى اللجوء إلى المحكمة. يذكر أن مجلس الشورى كان أجاز نظام تنفيذ الأحكام القضائية الذي سيتبعه إنشاء دوائر خاصة بالتنفيذ، وتوفير قضاة متخصصين متفرغين لتنفيذ الأحكام الصادرة، ولهم حق الاستعانة بالشرطة والمنع من السفر ورفعه، وكذا الأمر بالحبس والإفراج، والأمر بالإفصاح عن الأصول المالية للدائن المماطل إلى غير ذلك. ويهدف النظام إلى تسريع القضايا المتأخرة لمعالجة هذه المشكلة، التي أضحت في كثير من الأحيان سببا مباشرا لضياع الحقوق، أو تأخر إيصالها لأصحابها. وينتظر أن يقضي النظام بحزم وصرامة على تلاعب المماطلين والمتحايلين، سواء في القضايا المالية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأسرية أو ما يعرف بقضايا الأحوال الشخصية كقضايا النفقة والحضانة وغيرهما.