بعدما ملئت القلوب والبيوت فرحة بالزيادات والعلاوات، وبعدما أعددنا الميزانيات للاحتفالات والمناسبات، وبعدما قررنا مزيدا من المشتريات والادخارات، وبعدما خططنا لسداد المديونيات والأقساط المتأخرات، وبعدما قربنا من تحقيق تلك الأحلام ورفعنا أكفنا متضرعين إلى رب السماء «اللهم أدمه علينا ملكا رحيما بشعبه، وأدمنا شعبا طائعا لولاة أمره». وقبل أن تلامس حواسنا إتمام فرحتنا، بدأنا نلمس ارتفاع أسعار عدد من السلع الأساسية، وكأنها فاتحة الطريق لغلاء شامل يقابل تلك السيولة المالية التي ضختها وزارة المالية في أرصدة حسابات مختلف الشرائح المستفيدة من تلك القرارات الملكية السامية. وكأننا نعود عدة أعوام إلى الوراء، وتحديدا إلى تلك الحلقة المفرغة التي واجهناها من جراء زيادة الرواتب وارتفاع الأسعار الجنوني الذي واكب تلك الزيادة. وكم كنا أكثر تفاؤلا هذه المرة بسبب الوعود والتحذيرات التي أطلقتها وزارة التجارة للحد من تلاعب التجار بالأسعار والغلاء الفاحش للسلع والمنتجات الاستهلاكية، إضافة إلى الدعم الذي حظيت به الوزارة أخيرا من خلال ال 500 وظيفة مخصصة للرقابة على الأسواق، ولكن جميع تلك التصريحات لم تكن كافية لمنح المستهلك الأمان الكافي تجاه الغلاء، فنحن في حاجة ماسة إلى تفعيل أنظمة الرقابة، سواء من خلال التكثيف الرقابي المباشر أو غير المباشر للمحال التجارية على اختلاف أحجامها، وذلك من خلال زيادة المراقبين الميدانيين، كما أنه لا بد من تفعيل دور المرأة في الجانب الرقابي حتى يتسنى للوزارة تغطية جميع القطاعات التجارية، مع ضرورة التنبيه الصارم على مسائل تطبيق العقوبات بعدالة وشفافية متناهية لكي يتعلم التجار من أخطاء الآخرين، والحد من ظاهرة المجاملات والإكراميات التي يتهاداها البعض ويكون ضحيتها المستهلك. إننا يا وزارة التجارة نطالب بأفعال لا أقوال، فالموقف لا يتحمل مزيدا من الوعود الزائفة والشعارات الوهمية والاجتماعات الشكلية، نحن نطالب بحلول جذرية قبل أن تتفاقم المشكلة ونصل إلى مرحلة من التضخم في مستوى الأسعار والمعيشة يصعب على وزارة التجارة حلها. فرفقا بالمستهلك يا وزارة التجارة.