هذه القصة ترددت على مسامعي وعيوني كثيرا، قرأتها وسمعتها من أكثر من مصدر ولا أكذبها ولا أصدقها .. وحبكت فيها الروايات ونسجت فيها القصص .. وسلط عليها الضوء .. لكنها مصنوعة بأحلى صياغة! فقير يبحث عن مصادر رزقه .. يرى في المنام كثيرا أن رزقه في المكان الفلاني .. يذهب .. فلا يجد شيئا ويجد شخصا يصادفه أو يسجنه أو يضحك عليه .. في النهاية يحكي له الفقير القصة ويقول له أنت مجنون أنا من سنين أرى في منامي حلما أن رزقي في المكان الفلاني تحت الشجرة الفلانية .. وهو نفس مكان الفقير وتحت شجرته! هذه القصة .. قرأتها البارحة في كتاب «الفرج بعد الشدة» للتنوخي حين حكى عن أحد سكان بغداد.. سافر لمصر بعد أن سمع مناديا ينادي في المنام أن غناك في مصر وعند باب الشرطة تحديدا. وحين وصل أمسك به الشرطة وجلدوه بالفلكة حتى اعترف لهم فضحك صاحب الشرطة وقال إني أرى مناما منذ سنين أن هناك كنزا في المكان الفلاني «بيت الفقير» تحت النخلة الفلانية ولم أعنِِ نفسي المسير لأبحث عنه !رجع الفقير ووجد جرة مليئة بالدنانير! وبالحبكة نفسها مع اختلاف الأشخاص .. كتب الروائي الكبير باولو كويلو أشهر رواياته على الإطلاق وهي رواية «الخيمائي» الذي تحدث فيها عن شاب «سينتياجو» يرحل من إسبانيا بحثا عن كنز مزعوم على مشارف الأهرامات ويجد من يضحك عليه في النهاية ليدله على الكنز الموجود هناك في دياره الأندلس! وحكي لي غير واحد من أعيان بلدتي أن العائلة «الفلانية» سبب غناهم أن أباهم سافر للأردن بعد أن رأى أكثر من مرة رؤيا أن غناك في بلدة كذا في الأردن.. وحين وصل قال له شخص إن هناك حلما يراودني أن هناك جرة ذهب في حائل وتقع في المكان الفلاني! وعلى الرغم من أنني لم أقرأ كتاب ألف ليلة وليلة .. لكن القصة وردت فيه بصياغة أخرى وأظن كويلهو قد استقاها من هناك حسب إفادته ولا أذكر في أي كتبه أو مقابلاته قرأت ذلك .. الخلاصة! لو رأيتَ أن غناك في بلدة «لحج» قريبا من بحر العرب .. وعند الشيخ أبو العقل .. فهل ستغادر لتلك البلدة أم ستبحث في فناء بيتك اختصارا للوقت؟ أظن الجميع سيحسب أن الحظ قد خدمه بعد أن تداول التاريخ خدمته لأكثر من شخص! مدونة محمد الصالح http://mhalsaleh.net/