بالطبع كان قرارا حكيما.. فهناك أكثر من 70 % من السعوديين لا يمتلكون منازل ويعيشون في مساكن مؤجرة تقتنص نحو 35 % من راتب الشهر تقريبا.. وبالتالي جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء وزارة للإسكان بردا وسلاما على العائلة السعودية، حيث حدد القرار الملكي اختصاصات ومسؤوليات الوزارة بكل ما يتعلق بأراضي الإسكان في مختلف المناطق، وحظر التصرف فيها بأي حال من الأحوال لغير الأغراض المخصصة للإسكان الحكومي، مع نقل جميع الموظفين العاملين في مجال الإسكان والوظائف للوزارة الجديدة، كذلك جميع الوثائق ومخططات المشروعات القائمة والمستقبلية وعقودها. .. والسؤال الأهم.. كيف نضمن تحقيق الوزارة الجديدة لأهدافها وعلى رأسها حل أزمة إسكان الشباب؟ وهل يحتاج الأمر إلى «أمور أخرى» لتسهيل مهمة الوزير الجديد كإصدار تشريعات جديدة مرتبطة بالرهن العقاري والتمويل وآليات أخرى مرتبطة بأسعار الأراضي مواد البناء وضوابط الاستثمار العقاري؟ وكيف نتفادى السقوط في فخ «تغيير المسمى» من هيئة للإسكان إلى وزارة جديدة للإسكان برئاسة المحافظ السابق الدكتور شويش بن سعود الضويحي؟ وفي استطلاع ل«شمس» مع مسؤولين وخبراء في المجال العقاري بدا الاتفاق واضحا في قرار خادم الحرمين جاء استكمالا لتوجهاته الكريمة في وضع حلول نهائية لمشكلة الإسكان، مشيرين إلى أن الوزارة الجديدة ستسهم انطلاقا من دورها التنفيذي في وضع خريطة طريق لاستيعاب جميع معطيات العملية العقارية وتنسيق أدوار القطاع الخاص والجهات الرسمية المعنية بالسكن من أجل بلورة الحل المستدام لقضية السكن، حيث كانت تشرف على قطاع الإسكان هيئة عامة أنشئت قبل أربع سنوات وتتولى حاليا بناء أكثر من 30 مشروعا إسكانيا. توظيف الطاقات العقارية وفي تعليقه على الدور الذي يمكن أن تؤديه الوزارة الجديدة أكد عضو غرفة الرياض خالد الشبيلي أن إنشاء وزارة خاصة بالإسكان يواكب التحدي السكني باعتبار أن الوزارة كجهة تنفيذية يمكنها أن تستوعب جميع المعطيات السكنية ومجهودات القطاع العقاري ومؤسسات الدولة في حل المشكلة، وبالتالي تفرغها لتنسيق هذه الجهود من أجل توفير الحلول السكنية بحسب أوضاع الشرائح السكنية المختلفة. وقال الشبيلي إن الوزارة الجديدة معنية بممارسة جميع المهام والاختصاصات المتعلقة بالإسكان بما في ذلك الاختصاصات المقررة لهيئة الإسكان، وبحسب القرار الملكي فإنها تتولى المسؤولية المباشرة عن كل ما يتعلق بأراضي الإسكان في مختلف مناطق المملكة، ويحظر التصرف بأي حال من الأحوال في هذه الأراضي في غير الأغراض المخصصة للإسكان الحكومي، وذلك ما يعزز فرص توظيف جميع الطاقات العقارية من أجل تجاوز تحدي السكن في ظل وتيرة تضخمه سنويا. حل نهائي وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة شركة ركاز العقارية عبدالمحسن القحطاني أن وزارة الإسكان تؤكد أن القيادة الرشيدة عازمة على وضع حل نهائي لمشكلة السكن، فوجود كيان تنفيذي يمتلك حق الاختصاص والمسؤولية المباشرة عن كل ما يتعلق بالسكن يعني أننا في الطريق للحل النهائي للمشكلة قبل أن تستفحل في ظل وجود نمو متزايد للسكان ومعدلات تنمية مرتفعة بفضل الله تعزز حاجتنا لمواجهة تحديات المسكن خاصة، وأن هناك مساحات شاسعة من الأراضي وسيولة مقدرة تحتاج إلى توظيفها بصورة مناسبة من أجل معالجة هذه المشكلة. وأضاف القحطاني أن الوزارة الجديدة كانت مطلوبة من أجل تنفيذ كثير من السياسات والخطط المتعلقة بالمساكن، وهي جديرة بأن تسهم إلى حد كبير في توفير السكن للمواطنين، والدور على القطاع العقاري لمؤازرة الوزارة في تنفيذ مهامها، ومن جانبها تسعى لإقرار الأنظمة العقارية التي يطالب بها القطاع العقاري من أجل فسح المجال لمزيد من الاستثمارات العقارية سواء في السكن أو الأغراض التجارية والاستثمارية. حسم ملف الإسكان وأشار رئيس مجموعة الغنيم للاستثمار والتطوير العقاري طلال الغنيم إلى أن إنشاء وزارة الإسكان الجديدة تؤكد سعي القيادة لحسم ملف الإسكان، فهي كجهة تنفيذية ستكون لها صلاحيات أوسع في معالجة كثير من القضايا العالقة، ويمكنها أن تسهم في إقرار الأنظمة العقارية وفي مقدمتها الرهن العقاري حتى يستطيع القطاع العقاري أن يلعب دوره التنموي بصورة أكبر في توفير المساكن. وقال الغنيم إن العقار منظومة متكاملة وفي ظل وجود جهة تنفيذية مؤثرة يمكن أن ينشط القطاع بما يزيد من قوة دفعه من أجل توفير المساكن التي تزداد الحاجة إليها سنويا، ويمكن للوزارة أن تنسق جهود جميع الهيئات والمؤسسات القائمة والعاملة في مجال الإسكان من أجل استيعاب المتغيرات التي يعمل عبرها العقاريون والمعنيون بمنشآت وبذلك يتحقق تكامل وتعاون جميع الجهات لتحقيق أهدافنا جميعا في توفير السكن وخدماته. توظيف معطيات السوق وأوضح المدير العام لمجموعة الراشد العقارية طارق باسويد أن إنشاء وزارة الإسكان يعكس سعي الدولة والقيادة لتطوير الآليات التي تنظم العملية العقارية وتوظيف المعطيات الموجودة من أجل معالجة المشكلة قبل أن تستفحل خاصة في ظل الدعم الكبير الذي حظي به القطاع العقاري ومؤسساته لتوفير المساكن. وأضاف باسويد أن الوزارة الجديدة تكمل منظومة العمل التنموي في القطاع العقاري غير أنه لابد من تفعيل الأنظمة العقارية وهو أول التحديات التي تواجهها الوزارة من أجل دعم العقاريين للقيام بدورهم في تلبية احتياجات المواطن والسوق، إذ إن هناك إرادة قوية لدى العقاريين للاستثمار في السوق العقاري: «خاصة أن الاقتصاد الوطني يحقق معدلات نمو مرتفعة ولله الحمد ويلعب القطاع العقاري دورا كبيرا في ذلك» .