أعلنت وكالة السلامة النووية اليابانية أخيرا إعادة الكهرباء إلى المفاعلات الستة في محطة فوكوشيما شمال شرق البلاد من خط خارجي بعد مد سلك يصل إلى الموزع للوحدات الست، إلا أن معداتها لم تحصل بعد على التغذية الكهربائية لإعادة تشغيلها باستثناء الوحدتين 5 و 6. أما المفاعلان 3 و 4 اللذان أصيبا بأضرار جسيمة، فهما حاليا أكبر مصدر للقلق لدى التقنيين، ولا سيما مع تسرب بخار أبيض أحيانا من المفاعل 2. وأظهرت استطلاعات الرأي في عدة دول ضرورة التخلي بشكل تدريجي عن الطاقة النووية وعدم بناء مفاعلات جديدة في أعقاب الأزمة الأخيرة في اليابان حتى لا تعود كارثة تشيرنوبل. خاض عشرات الفنيين الكهربائيين والمهندسين سباقا مع الزمن في فوكوشيما في محاولة للسيطرة على الوضع، إثر سلسلة الحوادث التي شهدها هذا الموقع، لتفادي المزيد من التدهور بسبب ارتفاع زائد في حرارة الوقود النووي المشع المخزن في الداخل. وتعرض جزء من معدات المحطة للدمار بفعل الزلزال والتسونامي اللذين هزا اليابان، 11 مارس الجاري. ويسعى الفنيون منذ ذلك الحين إلى إعادة تشغيل مضخات المياه وأنظمة التبريد الاعتيادية، في حين يكثف الإطفائيون والعسكريون عمليات رش المفاعلين 3 و 4 بالمياه بواسطة خراطيم وآلية مجهزة بمضخات يمكنها سكب المياه من على ارتفاع نحو 50 مترا. وبذلك يخاطر العالم بمواجهة كارثة نووية يابانية، أسوأ من حادثة مفاعل تشيرنوبيل منذ ربع قرن، بالتعرض لمئات الأطنان من الوقود النووي المستنفد عالي الإشعاع، وانبعاث الجسيمات المشعة إلى الغلاف الجوي، حسب وكالة إنتربريس سيرفس. «هناك احتمالات بنسبة 50 % بأن اليابان ستخسر المفاعلات الستة وأحواض التخزين... ودون تحقيق انفراج حقيقي، سيواصل الوقود المستنفد الانصهار باستمرار». على حد تعبير الفيزيائي إيد ليمان، الخبير في تصميم المحطات النووية. وأفاد كيفن كامبس، المتخصص في النفايات النووية المشعة أن محطة فوكوشيما أصيبت بأضرار بالغة من جراء الزلزال والتسونامي الأخيرين، ويقدر أنه يوجد بها نحو 1700 طن من الوقود المستهلك، إضافة إلى وقود نووي خطير في برك تخزين بجانب ستة مفاعلات نووية. وأضاف «مجمعات التخزين تحتوي على كميات من الوقود المستنفد في المفاعلات رقم 3 ورقم 4 على مدى 30 إلى 35 عاما، معظمها ليست محمية بالمياه المبردة. ومن ثم، قد تكون على النار وتبعث الجزيئات المشعة في الغلاف الجوي، وذلك رغم صب طائرات الهليكوبتر العسكرية اليابانية مياه البحر على المفاعلات 3 و 4، في محاولة أخيرة يائسة ومحفوفة بالمخاطر الكبيرة بغية تبريدها». وشرح عالم الفيزياء النووية يان بييا أنه إذا انبعث الوقود المستهلك وانتشر، فقد تتلوث مناطق ضخمة من اليابان بالسيزيوم المشع 137 لمدة 30 إلى 50 عاما. ويشار إلى أن السيزيوم 137 يظل مشعا لأكثر من 100 عام، وأنه واحد من العوامل التي تسبب السرطان وغيرها من الآثار الصحية. وإذا انتشر لكان من الصعب جدا التعامل معه. وللمقارنة، السيزيوم هو السبب الذي جعل منطقة واسعة حول كارثة تشيرنوبيل النووية في عام 1986 لا تزال غير صالحة للسكن بعد 25 عاما. هذا ولقد أظهرت دراسة عن الصحة أجرتها جامعة ولاية كارولينا الجنوبية الأمريكية عام 2010 أن الأطفال الذين ولدوا بعد وقوع هذه الكارثة وأقاموا على مسافة أكثر من 75 كيلومترا من موقعها، يعانون من مشكلات طويلة الأجل في الرئتين من جراء انتشار السيزيوم 137 في جزيئات الغبار والتربة. وعلى سبيل المقارنة، يوجد في تشيرنوبيل 180 طنا من الوقود النووي، فيما تأوي فوكوشيما 560 طنا من الوقود النووي في مفاعلاتها، إضافة إلى 1700 طن من الوقود المستهلك .