مع صدور الأوامر الملكية الأخيرة كانت إحدى أبرز ردود الفعل المتوقعة في القطاع العقاري أن تهبط أسعار العقارات والإيجارات باعتبار أن هناك معروضا عقاريا قادما سيخلق وفرة تلبي الطلب، غير أن بعض العقاريين تعاملوا بذات منطق السوق حين «تزاد» الرواتب برفع أسعار السلع دون مبررات معقولة. والواقع أنه طالما هناك 500 ألف منزل جديد سيتم بناؤها مع رفع الحد الأعلى لقيمة قروض صندوق التنمية العقارية إلى 500 ألف ريال من 300 ألف فذلك كفيل تلقائيا بأن يطمئن السوق من خلال التوازن الذي سيحدث بين العرض والطلب، وذلك ما يؤكده عدد من العقاريين الذين لا يرون أي مبرر لرفع أسعار الوحدات العقارية بل يجب أن تبدأ مسارا هابطا حتى يصل النقطة المناسبة والواقعية لحقيقة القيم السوقية لأسعار الخدمات العقارية. سلوك طبيعي يقول رجل الأعمال محمد آل مسبل «يفترض بسوق العقار أن تستجيب للسيولة الكبيرة التي تضخها الأوامر الملكية وتصبح الأسعار معقولة وواقعية تلك الأوامر ستسهم في بناء أكثر من 633 ألف وحدة سكنية خلال الأعوام المقبلة، وذلك يعني معروضا جيدا إلى جانب جهد المؤسسات الأخرى المعنية بالإسكان، وكذلك استثمارات القطاع العقاري في مجالات السكن والتجارة، فهناك مخططات ومساهمات كبيرة يجري الإعلان عنها ويتم الإعداد لأخرى بعد توفر الخدمات لها». ويضيف آل مسبل «ليس هناك مبرر لرفع أسعار الخدمات العقارية، ولكن ما حدث من ارتفاعات سلوك طبيعي لا يفسر بالضرورة اتجاه السوق الكلي، لأن السوق ستفرض واقعا منطقيا مع الأوامر بعد بدء التنفيذ، وحينها سيستعيد توازنه وتصبح الأسعار في الوضع الطبيعي بعد أن تتحقق وفرة في المعروض أو تعادل بين العرض والطلب، ومن يملك وحدات عقارية سيضطر للتنازل من أجل استئجارها بما يتناسب وقيمتها الحقيقية، فالمسألة ذات بعد نفسي أكثر منه قيم سوقية». ارتفاع عابر ويشير رجل الأعمال محمد عبدالله آل حافظ إلى أنه بحسب الدراسات والإحصاءات فهناك بالفعل حاجة لمزيد من الوحدات السكنية، وقد قدمت الأوامر الملكية جزءا كبيرا من حل الأزمة بما وفرته من سيولة للسوق وتشييد مساكن جاهزة إلى جانب قروض الصندوق العقاري التي ارتفعت حتى تواكب التحدي في ارتفاع أسعار مواد البناء. ويقول آل حافظ في تقرير حديث للبنك السعودي الفرنسي أشار إلى أن المملكة تحتاج لبناء 1.65 مليون مسكن جديد بحلول العام 2015 لتلبية الطلب المتزايد على المساكن، ومن المتوقع أن تحتاج شركات التطوير العقاري الخاصة والحكومية لبناء نحو 275 ألف وحدة سنويا حتى ذلك العام، وعليه فإننا سنبدأ مرحلة تراجع في الأسعار مع بدء الأعمال الإنشائية لهذه الوحدات لما توفره من معروض مناسب يحقق التوازن المطلوب للسوق، ولذلك أرى أن هذه الارتفاعات بمثابة سحابة صيف عابرة وليست قاعدة لأن السوق سيعمل على الضغط على هؤلاء لمجاراته والتنازل عن أي قيم مرتفعة وغير مبررة بأي خدمات نوعية. تفعيل الأنظمة العقارية ويؤكد رجل الأعمال إبراهيم العساف أن المعروض الحالي من الوحدات العقارية السكنية يبلغ نحو 4.5 مليون وحدة سكنية تتراوح نسب الوحدات الشاغرة منها بين 3 إلى 5%، وبالنظر إلى ما وفرته الأوامر الملكية من إنشاءات جديدة وسيولة إضافية للسوق العقارية التي أصبحت الثانية على المستوى العالمي فإن الارتفاعات غير المبررة ستزول مع مرور الوقت ما لم ترتفع مواد البناء أو أي مدخلات في عمليات التطوير العقاري. ويرى العساف أنه مطلوب مراقبة السوق ووضع الوحدات السكنية وأهليتها لاستحقاق قيم تناسب وضعها الموجودة به، فالعقارات فئات وعلى ذلك يمكن تحديد القيم المناسبة لأسعار خدماتها وقيمها بموجب معايير التثمين العقاري، كما أنه يجب تفعيل الأنظمة العقارية حتى يواكب القطاع العقاري المستجدات ويستطيع مواجهة تحديات الحاجة السكنية المتزايدة ويسهم في تقليص الفجوة بين العرض والطلب وذلك كله كفيل بكبح جماح أسعار العقارات في قيمها أو إيجاراتها .