على ناصية ممشى جدة الشهير، تذوق العابرون القهوة على اختلاف طريقتها ومذاقها ونكهاتها، وحولت إحدى الفعاليات حديقة الممشى إلى استراحة لتذوق القهوة المختلفة العربية والإفريقية. واستوقف برنامج «قهوة للمشاة» العابرين في الممشى، ليتذوقوا مجبرين القهوة المعروضة، كل حسب طريقته، ليتحول الموقع إلى مركز تسوق، تجتمع فيه الحضارات وتتبادل فيه الثقافات بنكهة القهوة. واستغل المنظمون الحديقة، لإطلاق فعالية أسبوع القهوة، وعرض القهوة العربية والإفريقية من خلال أجنحة شاركت فيها العديد من الدول، إضافة إلى عرض بعض الثقافات الخاصة بكل دولة ليتعرف عليها الزوار، على مدى خمسة أيام متتالية. ومع الدقائق الأولى أبدى بعض الرياضيين الذين فضلوا ترك المكان وإفساحه للزوار، انزعاجهم من وجود المهرجان في هذا المكان، الأمر الذي حرمهم من مزاولة الرياضة في هذا اليوم. وشهد فعاليات أول مهرجان سعودي للقهوة العربية، أكثر من خمسة آلاف زائر من زوار كورنيش مدينة جدة، ويشارك في المهرجان خمس دول عربية وخمس مناطق رئيسية في المملكة التي يشتهر سكانها بشرب القهوة كعادة من عاداتها وتراثها. وأقيم المهرجان تحت شعار «تذوق طعم القهوة في أسبوع القهوة»، وأشرفت على المهرجان الغرفة التجارية الصناعية بجدة والهيئة العام للسياحة والآثار وأمانة مدينة جدة. واشتمل المهرجان على أكثر من 20 فرقة للفلكلور الشعبي السعودي والعربي والإفريقي، إلى جانب مخيمات عربية امتدت لمسافة خمسة كيلومترات على ممر المشاة على كورنيش جدة، وكذلك أجنحة للفن التشكيلي والتراثي ومراسم فنية للأطفال يرسمون رؤيتهم عن القهوة العربية وأهميتها في حياتهم. غياب التركية ولكن الملاحظ في المهرجان غياب القهوة التركية الأشهر بين هذه الأنواع، فمع شهرتها وازدياد الطلب عليها خصوصا من محال القهوة المنتشرة في جميع المحال، إلا أنها لم تتواجد على أرض المهرجان، الأمر الذي جعل البعض يبحث عنها بين الأجنحة المشاركة. فيما تواجدت بعض شركات القهوة المعروفة وكان لها تواجد لافت في الفعالية وتركزت في أماكن أكثر انسيابية مستغلة شهرتها وإقبال الزوار على المهرجان، غير أن الزوار رفضوا زيارتهم، متجهين إلى أجنحة الدول المشاركة ليتعرفوا أكثر عن طبيعة عمل القهوة، إضافة إلى التعرف على ثقافات الشعوب الأخرى. كما اتفقت جميع الدول على أن «القهوة العامل المشترك بين الجميع، لذا وقع اختيار مسمى الفعالية عليها لتكون حلقة الوصل لتلاقح الثقافات بين هذه الدول». خيار السعوديين وأوضح رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان القهوة العربية خالد ناقرو أن القهوة كانت ولا تزال رمزا من رموز الكرم والضيافة عند العرب بشكل دائم، فضلا عن كونها مشروب الكيف اليومي الذي لا يمكن الاستغناء عنه، رغم تعدد قوائم المشروبات المصنفة عالميا ضمن إطار القهوة مثل الكابتشينو والميكاتو والقهوة التركية، التي رغم تعدد أنواعها وكثرة أسمائها ولذة مذاقها إلا أنها لم تستطع أن تسحب البساط من القهوة العربية التي لا تزال خيار السعوديين الأمثل لتعديل المزاج. وأشار إلى أن «القهوة العربية تظل مصدر اعتزاز وفخر للعرب بشكل عام والسعوديين بشكل خاص، وتعد في نظر الكثيرين منهم من صفات الكرم التي لا يمكن الاستغناء عنها، حيث يعقدون لها المجالس الخاصة التي تسمى بعدة أسماء لعل من أبرزها الشبة أو القهوة أو الديوانية وتعتبر بمثابة بطاقة الدعوة التي يوجهها السعوديون لبعضهم البعض بشكل دائم». يذكر أن المملكة تعتبر أكثر دول العالم استهلاكا للبن والهيل، وأوضحت الإحصاءات أن نسبة استهلاك الفرد السعودي الواحد للبن وصلت إلى ثلاثة كجم في العام الواحد، وينفق السعوديون بشكل سنوي أكثر من مليار ريال لإعداد القهوة بكل مكوناتها. ويستورد السعوديون في العام الواحد البن بقيمة 800 مليون ريال، فيما يتم استيراد أكثر من 26 ألف طن من الهيل والزنجبيل والزعفران بقيمة إجمالية تتجاوز 4.5 مليارات، يستخدم نسبة معينة منها في إعداد القهوة وإضافة نكهة معينة عليها، فيما تستخدم الكميات العظمى منها في استخدامات أخرى من أهمها الأطعمة والأدوية الشعبية. إضافة إلى أن الكميات المستوردة من البن بشكل سنوي للأسواق السعودية والمستخدمة في إعداد القهوة العربية تقدر بنحو عشرة آلاف طن من البن الهرري واللقمتي. ويعتبر البن أكثر سلعة متداولة عالميا بعد النفط إذ تصل مبيعاتها السنوية في الأسواق الاستهلاكية إلى نحو 70 مليار دولار ويعيش من عوائدها نحو 25 مليون عائلة تتوزع على 60 بلدا في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا .