وسط حقل من الوحول والحطام ترفرف ستائر من خلال زجاج محطم في الهواء لتشكل الإشارة اليتيمة لحركة ما في السكون الذي يخيم في منطقة مدمرة شمال شرقي اليابان بعد التسونامي الناجم عن زلزال الجمعة الهائل. فمدينة ميناميسانريكو الساحلية اختفت بشكل شبه كامل. ولا أخبار عن أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 17500 نسمة، بينما تم إجلاء الآخرين. ولم يعد صامدا سوى المستشفى المؤلف من خمسة طوابق وقليل من المباني. وبالنسبة إلى المحظوظين مثل بعض سكان مدينة كامايشي دوت صفارات الإنذار إيذانا بالإجلاء في وقت مبكر، ما سمح لهم بالوصول إلى المرتفعات، تماما قبل أن يشاهدوا بهلع مياه البحر تلتهم منازلهم وتجرف معها كل شيء. فيما نقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء عن خبراء في مقاطعة مياجي الواقعة شمال شرقي اليابان القول أمس إن مستويات الإشعاع التي تم قياسها تزيد 400 مرة عن المستوى العادي، وأعلن قائد الشرطة المحلية للصحفيين، كما نقل التليفزيون العام «إن إتش كي» أن أكثر من عشرة آلاف شخص قد يكونون لقوا حتفهم إثر الزلزال المدمر والتسونامي في منطقة مياجي الساحلية الأقرب إلى مركز الزلزال. وقال ناوتو تاكيشي إن «ما من شك» أن عدد القتلى سيتجاوز العشرة آلاف. وكان التليفزيون العام «إن إتش كي» ذكر أن عشرة آلاف شخص من أصل 17 ألف نسمة من سكان مدينة ميناميسانريكو الساحلية في عداد المفقودين. وعلى طول الساحل واصل عناصر الشرطة والجنود أمس عمليات التفتيش بين الأنقاض علهم يعثرون على ناجين وسط أكوام الحطام. لكن في معظم الأحيان لم ينتشلوا سوى جثث وضعوها في أكياس من القماش الأخضر. وفي كبرى مدن المنطقة الغارقة في الظلمة تبدو مستشفى سنداي تيشين التي تعمل بمولد كهربائي أشبه بمنارة. فأنوارها جذبت نحو 50 ناجيا لجؤوا إلى بهو مدخلها هربا من برد الليل «كثيرون منهم لا يقيمون في مدينة مياجي. بل كانوا يزورون مرضى أو جاؤوا للعلاج» قبل أن يأخذهم الزلزال على حين غرة، على ما أوضح متحدث باسم المستشفى. وبات العديد من سكان سنداي محرومين من المياه والكهرباء، فيما نقص المياه يقلق مسؤولي المستشفى الذين يتساءلون إلى متى ستكفي مخزوناتهم؟ وهم يتخوفون خصوصا من احتمال أن ينفد ما لديهم من الغذاء للمرضى، اليوم. كذلك بات هناك نقص في البنزين، كما تشهد على ذلك طوابير الانتظار أمام المحطات التي لا تزال مفتوحة. وأثارت مشاكل يواجهها مفاعل نووي ثان في شمال شرق اليابان أمس قلقا كبيرا بعد الزلزال والمد البحري «تسونامي». ووسط هذا التهديد، يبذل نحو مئة ألف من رجال الإنقاذ جهودا في بحيرات الطمي وأنقاض المباني في محاولة للعثور على ناجين من هذه «الكارثة الوطنية غير المسبوقة»، كما وصفها رئيس الحكومة ناوتو كان. وتثير محطة فوكوشيما النووية رقم 1 التي تضررت الجمعة بفعل الزلزال ووقع انفجار في أحد مفاعلاتها السبت، قلقا كبيرا. وقالت شركة كهرباء طوكيو أمس إن المفاعل رقم 3 يواجه خللا مماثلا. بينما حذرت الحكومة من خطر حدوث انفجار فيه بسبب تراكم الهيدروجين. وأجلت السلطات نحو 215 ألف شخص في دائرة شعاعها 20 كيلومترا حول المحطة النووية وأخرى شعاعها عشرة كيلومترات حول المحطة النووية فوكوشيما 2 التي تبعد 12 كيلومترا عن المحطة الأولى. وفي مدينة فوكوشيما نفسها التي تبعد نحو 80 كيلومترا عن المحطتين يشعر اليابانيون بالخوف ويتدفقون على المحال التجارية لشراء مخزونات من المواد الغذائية، بينما نفد الوقود من المحطات. واصطف المئات في سوق ارتدى فيه الباعة سترات وأقنعة طبية للوقاية من الإشعاعات .