قبل أن تعلن وزارة العمل شروط صرف إعانات للعاطلين، أكاد أجزم بأن ما يزيد على 70 % من إجمالي العاطلين البالغ عددهم قرابة 450 ألفا لن يستفيدوا من هذه الإعانة، ولن يناولوا منها شيئا، لأنها ستوزع وفق آلية محددة، ستقصي عشرات الآلاف، وتحصر الباحثين بجدية عن العمل، وتستثني من سبق لهم العمل وانسحبوا من الوظيفة، ومن مضت سنوات طويلة على تخرجهم. ولو عدنا إلى تصريح وزير العمل الأخير، فإننا سنجد أن شركات القطاع الخاص «التي فشلت منذ زمن في احتواء الشباب» ستثتثني بدورها عشرات الآلاف عندما تقدم عروضها لهم، ومن يتحصل على وظيفة حتى لو كانت بمرتب يقل عن ألفي ريال فإنه سيسقط من حسابات «العمل» ولن تشمله الإعانة، وعليه أن يرضى بالقليل، وإلا «الموت جوعا». التعويل على إعانة البطالة أمر يجب أن يكون آخر الحلول، لأنها حتى لو صرفت فهي وقتية ولن تستمر أكثر من عام، بالتالي البحث عن الوظيفة يجب أن يكون الهاجس الأول، ونتمنى أن تصدق الوزارة في وعودها وتكشف عن خطتها الجديدة للسعودة، والطريقة التي ستستوعب بها مئات الآلاف من العاطلين، وتطلق برامجا تحفز الشباب للدخول إلى القطاع الخاص وتفعيل حزمة من القرارات بوضع حد أدنى للأجور، وإلزام الشركات بسعودة ما لا يقل عن نصف الوظائف، وتفعيل برامج التأهيل والتدريب والاستفادة من الدعم الحكومي للتوظيف. من الغرائب التي تنفرد بها في منطقة الخليج، زيادة نسب البطالة سنويا، مع ازدياد أعداد العمالة الوافدة، والأغرب من ذلك أن نصرف سنويا ملايين الدولارات على رعايتهم وتأهيلهم وتدريبهم، وشبابنا ينتظرون. إن لم تتحرك وزارة العمل وجميع المؤسسات الوطنية بجدية لإعادة هيكلة سوق العمل واستيعاب العاطلين وإيجاد فرص تكفل لهم العيش الكريم، وتحد من عملية الاستقدام، وتركز على أبناء البلد، فإننا سنجد أنفسنا أمام مشكلة كبيرة تهدد جيلا بأكمله، والخوف ليس على هؤلاء وحدهم، فهناك أكثر من 100 ألف مبتعث يتلقون تعليمهم في الخارج، سيعودون قريبا مسلحين بالعلم والفكر، فهل خططنا لاستثمارهم أم سيكونون عبئا جديدا، ورقما يضاف لطابور البطالة الممتد طويلا؟!.