هل شاهد أحد المحتسبين؟ ربما لم يجب أحد على السؤال، في ختام معرض الرياض الدولي، أمس الأول، بعد أيام وصفها بعض المثقفين بأنها كر وفر؛ لأن ظاهرة المحتسبين التي تسربت إلى المعرض في الأيام الأولى لانطلاقه، سرعان ما وجدت التفاعل المرفوض من الكثير من الأوساط على أعلى المستويات، ليصبح السؤال هل لا يزال هناك محتسبون؟ لكن في اليوم الأخير، ربما لم يغب المحتسبون، الذين صالوا وجالوا لمنع الكتب الممنوعة حسب وصفهم، والفكر المرفوض حسب تعبيرهم، والشخصيات المهجورة حسب تصنيفهم، لكن غابت التصرفات غير المقبولة حسب إجماع الزائرين والمراقبين والدعاة والأئمة والشيوخ، إلا أن الأبرز لم يكن لواقعة المحتسبين، بل في حال وواقع الكتاب ودور النشر. في بداية المعرض راج التساؤل الأبرز، من غيب دور النشر الشهيرة وفي مقدمتها دار الجمل للعراقي خالد معالي، التي استأثرت في مدى عدة أعوام بمكان عرض مميز ومساحة كبيرة، فضلا عن أنها الدار التي جلبت البوكر للرواية السعودية عبر رواية «ترمي بشرر» لعبده خال؟ لكن الإجابة لم تكن حاسمة، لتبقى الشائعات سيدة الموقف، حيث فسرها البعض بخلاف صاحب دار النشر مع الوزارة العام الماضي، بيد أن تصريحات الناشر قبل معرض الرياض ناقضت ذلك، من أنه «من أفضل المعارض وأكثرها في القوة الشرائية، وأنه حريص على التواجد فيه». والبعض عزاها إلى المساحات الضيقة، لكن سرعان ما جاء الرد بارزا «فالمساحات المعطاة في المعرض للأجنحة الرسمية المخصصة غير المعنية بالنشر بالدرجة الأولى، تكفي ل 200 دار إضافية». لكن حضور الرقابة التي أعلنها وكيل الوزارة الدكتور عبدالله الجاسر، قبل أربعة أيام من انطلاق المعرض، ربما ألقت بظلالها على المثقفين منذ اليوم الأول لبداية المعرض، واستمرت على مدى 11 يوما. على صعيد آخر غلب على انطباعات زوار المعرض الغلاء المبالغ فيه للأسعار من قبل الناشرين، وهو ما فسره البعض أن الناشرين يريدون تعويض خسائرهم نتيجة عدم إقامة معرض القاهرة هذا العام. لكن اللافت هو التعامل المضطرب مع المرأة التي حضرت المعرض زائرة وناشرة ومذيعة بوظيفة رسمية وفنانة. ولعل أبرز المعاناة تعلقت بما حدث مع الناشرة التونسية القادمة من فرنسا نجاة ميلاد من مضايقات، قادتها حسب وصفها إلى إغلاق جناحها، إضافة إلى إيقاف الفنانة الإيرانية فاطمة محمدي عن كتابة اللوحات للزوار، وكذلك مذيعة المعرض الإعلامية أسماء العبودي التي تطرقت بصراحة إلى تلقيها لمضايقات ونصائح حتى لا تفتن الزائرين بصوتها. ولعل آخر التناقضات مع واقع المرأة، منعها في بداية الأمر من الحضور في يوم المرأة العالمي الموافق الثلاثاء الثامن من مارس، إلا أن استنكار المثقفات لإبعادهن ساهم في استعادة حقوقهن، وتغيير الجدول، لتكون المرأة حاضرة في بقية أيام المعرض.