يجري العمل على قدم وساق في جميع أنحاء الصين، هذه الأيام، لتشييد ما يسمى ب«سور الصين الأخضر العظيم». وهو الحاجز البيئي من صنع الإنسان الذي يرمي إلى وقف زحف الصحاري ومكافحة التغيير المناخي. وينتظر أن تغطي الغابات المزروعة مساحة 400 مليون هكتار بحلول عام 2050، أي أكثر من 42 % من إجمالي مساحة الأراضي الصينية. ويأتي برنامج التشجير هذا، الذي بدأ في عام 1978، جزءا من الجهود الصينية متعددة الجوانب لمكافحة التغير المناخي. وأعلن البرلمان أن من واجب كل مواطن يتجاوز عمره ال11 عاما أن يزرع ما لا يقل عن ثلاث أشجار يجري تحديدها كل عام. المعروف أن الصين لديها بالفعل أكبر غابة من صنع الإنسان في العالم حيث تغطي أكثر من 500 ألف كيلومتر مربع. وأعلن الحزب الحاكم أنه تم هذا العام تحقيق الهدف المقرر بأن تغطي الغابات 20 % من إجمالي الأراضي. وكانت الحكومة خططت لمد خط من الأشجار طوله 4.480 كيلومترا، من إقليم شينجيانج في أقصى الغرب إلى مقاطعة هيلونجيانج بشمال شرق البلاد، حسب وكالة إنتربريس سيرفس في تقرير أعده ميتش موسكلي. وبدأ هذا المشروع عام 1978. وبعد ثلاثة أعوام، قرر مجلس الشعب الوطني - أعلى هيئة تشريعية في الصين- أن من واجب كل مواطن يتجاوز عمره 11 سنة أن يزرع ما لا يقل عن ثلاثة من أشجار الحور واللاريس والأوكالبتوس أو أي شتلات أخرى، كل عام. وهكذا زرع المواطنون الصينيون نحو 56 مليار شجرة في مختلف أنحاء بلادهم في العقد الأخير، وفقا لإحصاءات الحكومة. وفي عام 2009 وحده، زرعوا 5.88 مليار هكتار من الغابات. ويأتي برنامج التشجير هذا جزءا من الجهود الصينية متعددة الجوانب لمكافحة التغيير المناخي. ويشدد المدافعون عن سياسة التشجير الصينية على أن فوائدها واضحة وبينة، إذ تساعد الأشجار على وقف زحف الصحارى خاصة في غرب الصين وشمالها. وأفاد تقرير اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر لعام 2006 بأن الصحراء كانت تغطي 2.63 مليون كيلومتر مربع من أراضي الصين، أي 27 % من مجموعها، مقارنة بنسبة 18 % في عام 1994. كما تقلصت مساحة المراعي الصينية بمعدل 15 ألف كيلومتر مربع سنويا منذ بداية الثمانينيات. وتستعين الحكومة بشكل متزايد بالسور الأخضر ليكون أداة للتعريف بجهودها في مكافحة التغير المناخي. وفي كل فصل ربيع، يرحل نحو ثلاثة ملايين من أعضاء الحزب الحاكم وموظفي الخدمة المدنية والعاملين النموذجيين إلى المناطق الريفية لزرع الأشجار. ومع ذلك، فقد أثيرت عدة تساؤلات حول منافع هذه الحملة الصينية الخضراء. وفي حين تؤكد الحكومة على أهمية الغابات في مكافحة عقود طويلة من الأضرار البيئية، يقول بعض المنتقدين إن نوع الغابات المزروعة ومواقعها تحد من فعاليتها، وأن السور الأخضر العظيم قد تسبب في انخفاض كبير في نوعية الغابات بالصين. وكشف أحد العاملين بمعهد النباتات التابع لأكاديمية العلوم الصينية أن الجدار الأخضر تسبب في الإسراع بمعدل التدهور البيئي في بعض الأماكن من خلال الضغط على موارد المياه الثمينة في المناطق القاحلة. «الأشجار المزروعة في إطار مشروع الجدار هي أشجار غير أصلية، علما أن الأشجار الأصلية تلعب دورا أكبر بكثير في منع التصحر». كما وجدت دراسة نشرت من إعداد علماء بجامعة أوكلاهوما وجامعة فودان في شنغهاي، أن عمليات التشجير وخلق غابات جديدة تقلل في الواقع من قدرات الغابات على خفض تداعيات التغير المناخي. وتوصلت الدراسة إلى أن المناطق التي حلت محل الغابات الطبيعية عن طريق إعادة التشجير لا تساعد على مكافحة انبعاثات أكسيد الكربون، وأن تحويل الأراضي الزراعية إلى غابات يقلل من كمية الكربون التي تمتصها التربة .