أشياء كثيرة ما زلت أذكر أدق تفاصيلها، كل شيء يحيط بها، كل الأحلام، كل الآلام، كل الضحكات والدمعات التي تغشاها ما زالت عالقة بذاكرتي تأبى أن تهب أي ريح لتعيد صياغتها، هي تقول لي هكذا «أجمل التفاصيل التي رسمتها صديقتك دون أن تتكلف».. لذا ما زلت أذكرها تماما كما أذكر آخر مرة بكيت فيها قبل أن أقرأ رسالتك. أخبريني عن ماذا أحدثك! عن صورة الطفل التي تتلبسني وأنا أقرأ رسالتك، عن كمية الدموع التي تزورني في كل مرة أقرأ فيها رسالتك، عن الأغاني التي كنا نرددها سويا، عن الأبيات التي كانت تعجبنا التي أعلم يقننا حينما أسمعها أنها ستعجبك، عن الأصحاب الذين أصبحت أناديهم مشاعل دون أن أدرك عن أي شيء عن كل شيء. عن تفاصيل اللقاء الأول يوم أن تعثرت بك، فتغير مسار رحلتي، ما زلت أعود هنا كل مساء لأتعثر بك مرة تلو أخرى، المهم أن أتعثر بك.. وبك وحدك، لا أتصور أن هناك شخصا آخر في هذا الكون يستطيع أن يعيد صياغة مبادئي كما تفعلين، ولا أتصور أن هناك شخصا سيقرؤني كما تقرئين، كنت أخالني شخصا لا يكترث بآراء الآخرين حتى أتيت فأصبح رأيك يفوق رأيي أهمية بالنسبة إلي، لذا عودي لأتعثر بك فالأشياء التي تسكنني ما عدت أجدها، شخص واحد يستطيع أن يجدها لست بحاجة إلى أن أخبرك من يكون. منذ أن توقفت عن لقائك كل مساء، بدأت أدرك بعض المعاني التي كانت غائبة، الآن فقط لمست يداي معنى الغربة، الأصدقاء الذين يحيطون بي ما عدت أراهم كما كنت، الأصوات التي أسمعها تغيرت نبرتها، شيئان فقط لم يتغيرا، رسالتك وصوت أمي. الشيء الوحيد الذي يتسلل إلى أعماق قلبي ليرسم ابتسامة على شفاهي هي كلمتك التي أنهيت بها رسالتك حينما أخبرتني أنك ستعودين، أعلم يقينا أن المرض مهما بلغت قوته لن يتغلب على جسدك لأن روحك تسكن به، أعلم أن مناعتك التي تقلصها الأنفاس التي تحيط بك قد ذهبت لتخبرهم فقط أنها ما عادت تحتمل وجودهم، تخبرهم بأسلوب راق كما تعودت أن تقول اذهبوا فالسموم التي تنفثونها باتت لا تحتمل، لكنها ستعود هذه المناعة لسبب بسيط ألا وهو أن روح صديقتي هي من تصنع هذه المناعة في قلوب أصدقائها فكيف لها أن تبخل على نفسها، هي فقط تعطيهم درسا بأسلوب لم يعهدوه لكنها ستعود. والآن أغلق كل دفاتري القديمة، ما عادت تلزمني في هذه اللحظة، لا شيء يلزمني سوى أن أراك تعودين تماما كما تفعلين الآن. مدونة http: //r77al.wordpress.com/