أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن العطية ارتفاع حجم الاستثمار الصناعي لدول الخليج خلال العام الماضي إلى أكثر من 180 مليار دولار، ووصل عدد المصانع العاملة في نهاية ذلك العام إلى أكثر من 13 ألف مصنع يعمل فيها أكثر من مليون عامل، كما تبلغ نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس نحو 11 %، وقال في تصريحات له بالرياض أمس «على الرغم من هذا النمو فإن دول المجلس ما زالت تتطلع لتحقيق مزيد من التطوير». وأشار إلى أن مجلس التعاون الخليجي يشكل قوة اقتصادية بارزة على مستوى العالم للثروات الطبيعية، وأن هذه الثروات جعلت المجلس قادرا على التحكم ببعض أبرز الأسواق العالمية، وعلى رأسها النفط، إلا أن القوة الاقتصادية لهذه المنطقة لا تتوقف عند ذلك إذ إن مجالات الاستثمار فيها تتعدى مجالات الطاقة والثروات الطبيعية لتتوسع باتجاه التطوير العمراني ومجالات التجارة المتنوعة. وأكد أن السوق الخليجية المشتركة دخلت حيز التنفيذ كمرحلة متقدمة تحولت بموجبها دول المجلس إلى منطقة اقتصادية واحدة حيث يستطيع المواطن الانتقال والعمل والاستثمار في أي دولة من دول المجلس دون قيود، مشيرا إلى وجود تعاون منظم وفاعل في المجالات التعليمية والثقافية والاجتماعية بين دول المجلس، إذ إن هناك العديد من النشاطات والفعاليات التي تنفذ بشكل مستمر في مختلف المجالات. وقال العطية إن الاتحاد الجمركي الخليجي يعد من أبرز إنجازات مجلس التعاون وهو خطوة رائدة على طريق تسهيل الإجراءات والتبادلات التجارية بين دول المجلس، ما أسهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين دول المجلس «وحقق انتقال السلع الوطنية والأجنبية نموا ملحوظا من عام 2002 الذي سبق قيام الاتحاد الجمركي إلى عام 2009 فاق ال300 % واستفادت معظم الصناعات الوطنية من المزايا التي وفرها الاتحاد الجمركي خلال الفترة التي مضت منذ بدء العمل به». وذكر العطية أن دول المجلس تتطلع للوصول إلى وضعه النهائي المتمثل في إنهاء الدور الجمركي في المراكز الجمركية البينية وانتقال السلع عبر هذه المراكز دون قيود مع الإبقاء على الرقابة الأمنية والمحجرية، وأضاف «التكامل الصناعي بين دول المنطقة يشكل محطة كبرى على طريق التنمية الاقتصادية». وفي هذا الشأن يرى العطية أن هذا التطور يلقي بآثاره الإيجابية على جميع نواحي الحياة وذلك من خلال دفع جهود التنمية نحو تطوير المجالات الثقافية والتعليمية والاجتماعية والخدمية والتنموية، ما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية الفردية. وأوضح أن السوق الخليجية المشتركة انطلقت عام 2008 وازدادت الاستثمارات الخليجية البينية بشكل ملحوظ منذ ذلك الوقت فقد ارتفع عدد المستثمرين الذين يستثمرون في دول أخرى من دول المجلس غير دولتهم الأم بنسبة تجاوزت 80 % حتى الآن وهو إنجاز كبير خلال فترة وجيزة، وأكد أن دول المجلس تعد من أكبر 20 اقتصادا عالميا ولها أهميتها ليس في مجال الطاقة فحسب بل كوجهة للاستثمار المجزي. وبشأن الأزمة الاقتصادية العالمية في العامين الماضيين قال العطية إن دول المجلس استطاعت أن تتجاوز الأزمة وتحتفظ بسمعتها حيث اتخذت الكثير من الإجراءات لتحسين البيئة الاستثمارية لديها وزيادة قدراتها التنافسية لاسيما في ظل توافر المقومات اللازمة لنجاحها. وبين أن سوق دول المجلس تعد أكبر سوق اقتصادية حرة في منطقة الشرق الأوسط، فقد حتم عليها ذلك الاستمرار بتهيئة مناخها الاستثماري حيث تم إنشاء هيئات مستقلة تعني بتنظيم وتحفيز الاستثمار وتسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية لدول المنطقة. وذكر أن هناك الكثير من رؤوس الأموال أصبحت تستثمر في الخارج في الوقت الذي تحتاج إليها فيه الأوطان، إلا أن الكثير منهم عادوا بالفعل إلى دول المجلس منذ نشوب الأزمة المالية لأن دول المجلس لم تتأثر بالدرجة نفسها التي تأثر بها الاقتصاد الأوروبي أو الأمريكي. وقال إن دول المجلس تبنت الكثير من الإصلاحات التي أسهمت في تعزيز بيئتها الاستثمارية وزيادة تنافسينها، ومع ذلك فإن هناك الكثير مما يمكن عمله لتوفير بيئة أكثر جاذبية للاستثمار لاستعادة بقية الاستثمارات الخليجية الموجودة خارج دول المجلس، ومن ذلك زيادة الطاقة الاستيعابية سواء من الناحية الفنية أو المؤسسية وتبسيط الإجراءات والروتين الإداري. وأوضح العطية أن برامج التكامل الاقتصادي التي تبنتها دول مجلس التعاون تخدم المشروعات الصغيرة والمتوسطة كما تخدم المشروعات الكبرى على حد سواء وتتميز المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمرونتها وقدرتها على الحركة والانتقال بين دول المجلس ولذلك، فإنها قد تكون أسرع في الاستفادة من التسهيلات التي تقدمها السوق الخليجية المشتركة من الشركات الكبرى. وحول المبادرات والأنشطة التي يقدمها مجلس التعاون لتوفير فرص استثمار ناجحة للمواطن الخليجي بين العطية أن دول المجلس تبنت خططا طموحة لاستثمار عوائد النفط في مشروعات تعود بالرفاه على المواطن وتؤسس لاقتصاد قوي للفترة المقبلة، وهناك أنواع عدة من المشروعات التي يجرى التخطيط لها وتشكل فرصا استثمارية ناجحة لصغار وكبار المستثمرين على حد سواء .