كان لي صاحب يقول لي دائما أريد أن أعرف سرك الأكبر! كنت أواري القصة دائما وأحاول بتردد أن أؤجل ذلك.. اكتشفت أخيرا أن سري الأكبر سيبقى محفوظا في قلبي.. لأني لو أخرجته لما عاد سرا! هل هي حقيقة أن كل إنسان لديه سر أكبر؟ سر واحد فقط يحتفظ به لنفسه.. وما السر في شغف الصديق المقرب أو الحبيب أن يعرف السر الأكبر؟ فيلم city inland يبحث عن تعلق المرء بأسراره وإخفائه الأمور دوما عن أقرب الناس له.. وصلت فكرة الفليم في النهاية أن هناك أسرارا ربما تكون سببا لدمار حياة الإنسان أيا كانت صغيرة أو كبيرة، وهناك أسرار تافهة جدا ربما نؤجل الحديث عنها مع الأقربين؛ كوننا نحس أن الوقت المناسب لم يأت بعد وأنه لا بد من توفر الوقت المناسب لقوله ونكتشف دوما أنه لا وجود للوقت المناسب أبدا لقول السر.. كونك حين تقوله في أي وقت ستكتشف أنك تأخرت ولو كان تأخرك لبضع دقائق فقط! شغف المرء بمعرفة السر ربما تدمر حياته كونه يبحث عن مكنونات طبيعية أو تصرفات ربما تكون شاذة وغير محسوبة ولا يلتفت إليها، لكن تحجيمها بصمت صاحبها عن قولها بتفويته فرصة الحديث عنها هو الذي يجعلها أكبر بكبير من واقعها. لعل الكثير منا تابع برنامج السر الأكبر.. وهو عبارة عن مجموعة من الأسئلة وفي كل مرة يطلب من الضيف الإجابة عليها.. وهذه الأسئلة تكشف أسرارا تتفاوت بحجم ما يكسبه المرء من مال.. في إحدى المرات رأيت حلقة لم تبق المرأة شيئا لم تقله في حق زوجها.. خرجت بمليون دولار لكنها خسرت ثقة زوجها فيها وحب أبويها وحماتها بل وثقة أبنائها بها.. وفي آخر الأسرار اعترفت أنها خانت زوجها على فراشه! طبعا حين تكون للمرء غاية -الغنى مثلا- فكل الأسباب تبرر.. كانت تقول لا شيء لأخسر نفسي.. خسارة الزوج والحياة الزوجية ومستقبلها يهون أمام تأمين مستقبل مالي جيد. مرات كثيرة جاءت في بالي فكرة أن أنشئ موقعا يختص بالأسرار.. وكانت الفكرة أن أسميه الصندوق الأسود تشبيها بذاك الصندوق المخزون في الطائرة وتخزن فيه كل المكالمات وأحداث الطائرة منذ إقلاعها حتى الهبوط ويبقى في مكان محفوظ لا يمكن أن يخرب أو يبلى بسبب السقوط. وقعت على موقع مشابه كان الجميع يذكر أسرارا بشكل مكشوف وبأسماء وهمية، أستطيع أن أقول من 80 إلى 90 % يتعلق منها بقضية العلاقات غير الشرعية! وسبب تعلق الجنس بالسر كونه هو أساس وجود الخليقة! وكون الإنسان يتحرج -بطبيعته الإنسانية طبعا- أن يذكر أي شيء يتعلق بهذا الأمر أمام الخلق.. فلهذا تجد أن الكثير من الأسرار تتعلق به.. والكثير من المستشارين النفسيين يكونون ملاذا آمنا لقصص بيوت سرية، هم مسؤولون أمام الله عن حفظها. والله سبحانه وتعالى وصف نفسه بأنه يعلم السر وأخفى وقال تعالى: «قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض». أشد الكلمات على النفس.. حين يهمس المرء في أذنك ويقول سأقول لك سرا.. تحس بوخزة قلب لحظية ومسؤولية كبيرة.. هو لم يقل لك ذلك إلا لثقته فيك ولأنه عجز عن تحمل السر، وأكثر ما يتعب النفس حين يأخذ المواثيق عليك.. أستحلفك بالله ألا يعرف أحد.. وهل أنا إلا أحد من أولئك الذي تستحلفني ألا أنطق بكلامك لهم.. أم أنك استثناء لا تخضع لقوانين البشر الذين تضيق قلوبهم بحمل الأسرار؟! إن خرج من اثنين، فشا.. والاثنان هما فكا الإنسان.. فحين يخرج من بين فكيك السر.. فاعلم أنه فشا! مدونة: محمد الصالح http: //mhalsaleh.net