حينما حدثت تلك الكارثة الشنعاء في مدينة جدة، هرعنا جميعا إلى طرح السؤال التقليدي: أين الحكومة من هذا التسيّب؟ وكأن حكومتنا المعطاءة قصرت أو ادخرت ميزانيتها. وتناسينا أن أولئك الذين اغتنوا بالفساد ما هم إلا أفراد غير صالحين من المجتمع، لكن كارثة جدة لم تسقط القناع عن حصانة بعضهم فحسب، بل امتدت لتنبئنا أن الشماعة التي دائما ما نعلق عليها الأخطاء بريئة وخارج قفص الاتهام. فنحن الذين نطالب أقاربنا ومعارفنا بالتوسط في إنهاء معاملاتنا التي تكون أحيانا مخالفة للنظام أو متجاوزة عن بعض بنوده. وبذلك نكون نحن السبب الرئيسي في جميع تلك التجاوزات التي تحدث كل يوم في الوزارات والإدارات؛ فالفساد الإداري الذي تفشى في إدارتنا ما هو إلا حصاد سياسة المحاباة التي نتساهل في التعامل بها، والنتيجة كانت كارثة جدة. عزيزي القارئ.. أنا وأنت سبب كارثة جدة! وذلك لإيماننا بتلك السياسة التي تخالف ما يجب أن يكون. وبعد أن يقع الفأس في الرأس شمّاعتنا هي أين الحكومة من ذلك؟ الآن وبعد أن تم الإعلان عن تولي شركة أرامكو وشركات أجنبية أخرى مهمة مشاريع مدينة جدة التحتية، وقبل أن نخصخص المسؤولية، هلا عممناها على أنفسنا أولا؟ هلا عاهدنا أنفسنا ألا نقفز فوق القوانين وأن نستفيد من علاقاتنا ومواقعنا من أجل المصلحة الشخصية؟ هلا طبقنا قوانين وأنظمة بلادنا دون استثناءات واعتبارات؟ هلا توقفنا عن إلقاء اللوم والمسؤولية على الحكومة دائما وأبدا دون أن نشعر بأخطائنا وأن نحاول تصحيحها؟ وإن لم يكن.. فما حدث في جدة قد يحدث مرة أخرى وفي قطاعات أخرى ما دمنا على حالنا.