في وقت يعاني الشباب من عدم وجود وظائف حكومية، وتعمد بعض الشركات الخاصة في تجاهل توظيفهم، انتقد عدد من المسنين الجهات المسؤولة، واعتبروها «همشتهم» لأنها تهتم بتوظيف الشباب دونهم، رغم حاجتهم الماسة للعمل، لتوفير لقمة العيش. وأوضحوا ل«شمس» أن الجهات المختصة تعمل بجد لمحاربة البطالة، لكن «تلك الجهود تقتصر على الشباب دون «الشيبان»، الأمر الذي يضاعف أعداد العاطلين منهم، رغم أنهم يعولون الكثير من الأفراد». وأشاروا إلى أن تلك الجهات لا تكترث بمعالجة بطالتهم، بعدما تضاعفت عليهم أعباء الحياة، وهم في هذه السن قد فاتهم قطار الوظيفة دون الوقوف معهم، أو النظر لحاجاتهم، ما يضطرهم إلى مزاحمة الشباب لمسابقتهم إلى المهن التي بالكاد تؤمن لهم مصدر رزقهم اليومي. وحمل المسنون العاطلون أو بالأحرى من ليس لهم دخل ثابت في وظيفة حكومية إما بتقاعد أو خلافه، ديوان الخدمة المدنية مسؤولية عدم توفير الوظيفة المناسبة لعمرهم السني، لكي يستقوا منها راتبا شهريا لضمان المستقبل الآمن لهم ولمن يعولونهم. وبينوا أنه «لم تشفع لهم صيحاتهم بتغيير بعض الأنظمة التي أكل عليها الزمن وشرب، من ناحية شروط التقديم لأي وظيفة مستقبلية تحررهم من قيود السن والشهادة، والوظائف الملائمة لهم كثيرة في كافة أجهزة الدولة تتوافق مع حالاتهم الاجتماعية». ويعتقد العم عمار السفياني، الذي وصل عمره 60 عاما، أن الوقت فات ولم يجد الجهة التي تعالج بطالته «أسمع عن معالجة البطالة، منذ كان عمري في زهرة الشباب، وظللت أطارد الوظيفة في كل مكان، ولكن كلما دنوت منها فرت هاربة إلى أن بلغت من العمر عتيا، وبدأت أتحاشى قرع أي باب وظيفة وأنا في هذه السن تحسبا لتهكمات المسؤولين فيها، لكن أعباء الحياة تزيد كل يوم، وتكثر متطلباتها، وأتمنى لو عاد بي الزمن للوراء حتى أجد الوظيفة المناسبة، لأفكر بعدها في إنشاء أسرة، لأن الأبناء حاليا يحاصرونني دائما بالأسئلة حول الوظيفة». واعتبر العم عمار أن المسؤولية تقع على عاتق الجهات التي تندد بكوارث البطالة للشباب «ليس لدي مانع في العمل رغم هذه السن، حتى أحال للتقاعد، لكي أسد قوت أبنائي، لأنني مللت حياة الوقوف منذ أعوام أمام مسلخ الأمانة منذ ساعات الصباح الأولى، لمطاردة الرزق، فكيف أؤمن ايجار المنزل ووقود السيارة، وأنا في هذه السن، ولماذا هذا التجاهل للمسنين العاطلين؟ خاصة أنني وغيري كثيرون ليس لهم أي راتب من الضمان الاجتماعي يفي بربع استهلاك المعيشة الشهري، فضلا عن المتطلبات الضرورية». ويشير إلى أنه يفكر جاهدا في ترك العمل «الشبان يطالبون المسنين بترك المجال أمامهم، في ظل بطالتهم، ونحن نريد لقمة العيش». ويرى الجزار عطية الثبيتي أنه من ضمن ضحايا البطالة حتى فاته قطار الوظيفة لسبب أو لآخر فهذا لا يعنيه، ولابد أن يصحح وضع بطالته «أتسابق يوميا وأنا في سن السبعين عاما لحجز موقع في مسلخ الأمانة بالطائف حتى أصطاد زبائني، ولو لدي مصدر راتب شهري ثابت لما وضعت نفسي في هذا الموقف، فالعمالة داخل المسلخ تتهكم بنا يوميا، ولكن الحاجة تدفعني إلى تجاهل هذه التهكمات، وكان في إمكان العاملين في جهاز الأمانة توظيفي مثلا بصفتي مراقبا، أو مفتشا أو غيره، أو استحداث وظيفة مناسبة، ولكنهم لم يفعلوا». ودعا ديوان الخدمة المدنية لوضع آلية تضمن تصحيح بطالة المسنين الذين تجاوزوا السن القانونية للوظيفة للمسابقة على وظائف تتوافق مع مراحلهم السنية وضمان معيشتهم. أما المسن الذي يعمل في تجهيز الفحم وبيعه، أشار إلى أنه يقضي الكثير من ساعات يومه أمام الفحم وبيعه على الزبائن «كل هذا بسبب إفرازات البطالة وتجاهل توظيف الشباب، ومهنتي لا يرضى بها أبنائي الغاضبون، فكيف يصحح وضعي؟».