تنتشر بين الناس هذه الأيام رسائل نصية تربط بين ما يحدث في بعض البلدان العربية وبين علامات يوم القيامة التي تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم، في إشارة إلى احتمال أن تكون هذه الثورات علامة تدل على اقتراب الساعة. ومع أن علماء المسلمين متفقون على أن هذا اليوم قريب قربا نسبيا لا يعرف حده ولا مسافته الزمنية، إلا أنهم لا يميلون إلى قراءة الحوادث العابرة باعتبارها من علامات الساعة ما لم يكن هناك دليل صريح يربط بين الحدث والنص. لا يمكن التحديد يستغرب الداعية المعروف الشيخ محمد المنجد أن يزعم بعض الناس معرفتهم بموعد القيامة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعد من الرجم بالغيب، إذ لا يعلم بيوم الحساب إلا الله سبحانه: «لكن المسلمين يستدلون عليها بعلاماتٍ تسبق وقوعها فصلتها النصوص الشرعية، ولا ينبغي لأحدٍ أن يجزم بقرب وقوعها من تلقاء نفسه». ويشترط الداعية المعروف الشيخ محمد العريفي ممن أراد ربط الأحداث المعاصرة بعلامات الساعة أن يأتي بنصوص شرعية واضحة تنسجم مع القواعد التي وضعت لمطابقة هذه العلامات مع الواقع: «فمن المهم جدا أن يكون هذا الإجراء مقتصرا على نصوص القرآن والسنة الصحيحة». ويشير العريفي، الذي أصدر كتابا موسعا عن علامات يوم القيامة، إلا أن القول باقتراب الساعة من الغيبيات التي لا يمكن استجلاؤها إلا بالنص: «فقد يخبر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم ببعض الأمور الغيبية لمصالح دينية، ومن ذلك أشراط الساعة التي تندرج ضمن الغيب المستقبلي». لكن العريفي الذي لا ينفي أو يؤكد ربط الثورات العربية بأشراط الساعة، يحث الناس على الرجوع إلى العلماء الثقات لاستيضاح العلاقة بين الأمرين: «فمن وقع في نفسه شيء من دلائل تنزيل بعض العلامات على الواقع، عليه أن يعرضها على أهل العلم، لا أن يجتهد من نفسه». ويشدد العريفي على ضرورة أن يحدث المرء الناس بما يعقلون: «فقد يتساهل بعض المتحدثين في أشراط الساعة فيسرد الأحاديث مع عامة الناس، أو حديثي العهد بالإسلام ممن قد لا تستوعب عقولهم ما يسمعون، فليس كل ما يعلم يقال، ولا كل صحيح صالحا للنشر لقصور العقول أحيانا عن تحمله أو لسوء التعامل معه أو لعدم تنزيل الكلام منازله الصحيحة، كما قال علي رضي الله عنه: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله» .