لم تكد الثورة المصرية تصل لساعة الانتصار حتى تسابق فنانون وكتاب كانوا يقفون ضدها لإعلان مواقف جديدة منها، وصلت حد تأكيد الفنان الكوميدي عادل إمام، المعروف بعلاقته الوثيقة بالنظام السابق، أن ما جرى سيأتي لمصر بالحرية والديموقراطية. وجاء موقف إمام، الذي ساند في العديد من المناسبات سلطة الرئيس السابق حسني مبارك، بعد أيام من تصريحات مثيرة نسبت له ووصف فيها تحركات الشباب الاحتجاجية بأنها «لعب عيال» مطالبا بالتصدي لها، ورغم أن إمام سارع بعد أن دخلت الثورة الجماهيرية أسبوعها الثاني لنفي تلك التصريحات، إلا أن ذلك لم يغير صورته، وبالذات بين شباب التفاعل الإلكتروني الذين أطلقوا عليه العديد من الأوصاف المسيئة. وعاد إمام، بعد ساعة تقريبا من إعلان الرئيس مبارك تنحيه عن السلطة، ليقول عبر قناة «الحياة الفضائية» الخاصة إنه لم يكن يتوقع قيام ثورة شباب 25 يناير التي فاجأت العالم كله، إلا أنه توقع عدم استسلام هؤلاء الشباب وتنحي الرئيس مبارك. وقال إمام «شباب 25 يناير حققوا ثورة جديدة في كل شيء، سواء في طريقتها أو في أفرادها من الشباب أو مطالبها التي تحقق الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية لكل الشعب المصري». وأشاد الفنان المشهور ب«الزعيم» بما سماهه أداء الجيش المصري الوطني خلال فترة الثورة، وأكد أنه يتفهم جيدا مطالب الشعب المشروعة، معربا عن أمله في أن يقوم بدوره على أكمل وجه، وأن يعمل على نقل السلطة بسلاسة ودون أي أزمات. وأوضح إمام أنه توقع أن يتنحى الرئيس حسني مبارك من منصبه، وألا يستسلم الشباب ويظلوا على موقفهم حتى تتحقق مطالبهم، مشيرا إلى أن موقف الحق دائما الأقوى وله الغلبة في أي وقت وكل مكان. في غضون ذلك، اختفى فنانون خرجوا قبل أيام في مظاهرات مؤيدة للرئيس السابق عن الأنظار مؤقتا، ومنهم حنان ترك وغادة عبدالرازق التي وصفت شباب 25 يناير بناكري الجميل. كما اختفى كل من المغني شعبان عبدالرحيم الذي أصدر أغنية للهجوم على الثورة الشبابية ومعها رئيس الجمعية المصرية للتغيير الدكتور محمد البرادعي، والممثل طلعت زكريا الذي اتهم المتظاهرين بجلب مخدرات إلى ميدان التحرير. في المقابل، بدا فنانون شاركوا في دعم الحركة الشبابية وسط جموع المحتفلين في ميدان التحرير، ومنهم عبدالعزيز مخيون، محمد منير، وإيمان البحر درويش، وأحمد حلمي، وخالد الصاوي، وخالد يوسف، ومنى زكي، فيما حمد الفنان عزت العلايلي الله؛ لأنه أبقاه حيا حتى يرى هذه الثورة، مشيدا ب «جيل الشباب الصاعد الذي قاد هذه الثورة، وحقق ما فشلنا فيه طوال أعوام طويلة». ودعا العلايلي بالرحمة لشهداء ثورة 25 يناير الذين ضحوا بأرواحهم، وبالصبر لأهالي الشهداء وقدم التعزية لهم، معربا عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة أكثر ديموقراطية وحرية. وشدد على أن الفن سيؤرخ هذه الفترة العظيمة في تاريخ مصر والعالم كله، مشيرا إلى أن مصر ستستعيد مكانتها الدولية، وستقود العالم العربي من جديد وتلعب دورها المهم على كل المستويات. وهنأ الفنانان كريم عبدالعزيز ومحمد سعد الشعب المصري بنجاح ثورة شباب 25 يناير التي حققت الحرية والديموقراطية، معربين عن سعادتهما بشباب مصر الذي حقق الثورة وعلم العالم كله حقيقة المصريين. وقال عبدالعزيز إن هؤلاء الشباب علموه أشياء كثيرة في الحب والانتماء والديموقراطية والحرية والدفاع عن حقوق الوطن، وأنه يفتخر أنه مصري، مقدما العزاء لأهالي شهداء ثورة 25 يناير، بينما أكد سعد أنه يفتخر بأنه مصري، وأنه سيذهب إلى أي مكان في العالم وهو يشعر بوطنيته، داعيا بالرحمة لشهداء ثورة 25 يناير، وقدم العزاء لأهالي هؤلاء الشهداء. وفي موقف يتواءم مع الأجواء التي أشاعها شباب الثورة، دعا المخرج خالد يوسف إلى فتح صفحة جديدة من التسامح مع الفنانين الذين شككوا في ثورة 25 يناير، ومطالبا في الوقت ذاته باستيعاب كل الأصوات التي تريد أن تعود إلى ضمير الشعب. كما شدد الفنان خالد الصاوي على أن الثورة تسعى أيضا إلى استعادة العزة والكرامة لكل المصريين، مشيرا إلى أن نجاح الثورة كان مسألة وقت لا أكثر، وأنه كان واثقا تماما من تحقيق كل مطالب الشعب وإسقاط النظام وتحقيق الحرية والديموقراطية التي من شأنها أن تخدم كل المصريين. من جهة ثانية، أعلن الإعلامي محمود سعد أنه سيعود للظهور مرة أخرى عبر برنامجه «مصر النهاردة» وذلك بعد أن تم منعه من الظهور على التليفزيون المصري بأمر وزير الإعلام أنس الفقي، مؤكدا أنه سيستضيف كل الممنوعين من الظهور على الشاشة الرسمية في برنامجه. وقال سعد خلال مداخلة تليفونية على قناة «المحور» إن عودته جاءت من خلال مكالمة تليفونية من رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المهندس أسامة الشيخ، طالبه فيه بالعودة إلى التليفزيون ليقول فيه ما يشاء. وكشف الإعلامي الشهير للمرة الأولى عبر برنامج «48 ساعة» عن الأسباب التي منعته من الظهور على التليفزيون المصري طوال أيام «ثورة الغضب» مؤكدا أن أنس الفقي أصدر قرارا بمنعه من الظهور في البرنامج، بعدما رفض محمود سعد أن يعلن أن هناك عناصر خارجية وراء هؤلاء الشباب بهدف التخريب والتدمير. وأكد سعد أن الحلقات المقبلة من البرنامج سيكون ضيوفه فيها مجموعة من الرموز العلمية والإعلامية والسياسية المصرية التي كانت ممنوعة من دخول التليفزيون، وهم الدكتور أحمد زويل والكاتب محمد حسنين هيكل والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى. وكان التليفزيون المصري بث، صباح أمس، بيانا هنأ فيه الشعب والجيش على نجاح «الثورة العظيمة» لافتا إلى أنه يتعهد أن يكون «أمينا في رسالته». من جهة أخرى، تحدثت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن «ارتياح يسود البلاد» إثر تنحي مبارك، ونقلت وجود احتفالات في مختلف نواحي البلاد. كما رحبت الصحف الحكومية المصرية بالمرحلة الجديدة التي دشنها قرار مبارك بالتتنحي عن الرئاسة. وعنونت صحيفة الأهرام «الشعب أسقط النظام.. شباب مصر أجبر مبارك على الرحيل». أما الجمهورية، فكتبت في عناوينها «مبارك يتنحى والجيش يحكم.. انتصرت ثورة 25 يناير.. القوات المسلحة تحيي مبارك على ما قدمه للبلاد حربا وسلما وتؤكد أنها ليست بديلا للشرعية»