وأخيرا.. أعلن الرئيس المصري السابق حسني مبارك تنحيه عن السلطة، وذلك بعد 18 يوما مريرة من الجدل والشد والجذب وممارسة لعبة صراع الإرادات مع الشارع المصري الذي فرض كلمته في نهاية الأمر.. ولكن الجندي المجهول خلف نجاح هذه الثورة كان الإعلام بكل روافده، ولاسيما الإعلام الجديد، فقد لعبت مواقع الإنترنت، خاصة الشهيرة والرائجة منها، وفي مقدمتها مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» دورا كبيرا، ورافعة قوية لشباب مصر، الذي انطلق من خلف شاشات الإنترنت إلي الشارع. لقد فشلت محاولات الحكومة المصرية الأولية في منع الوصول إلى تلك المواقع، تماما مثلما حدث سابقا في تونس، والفضل في ذلك يعود إلى أدوات الالتفاف على الرقابة التي يستخدمها «الناشطون الرقميون»، لذا لجأت الحكومة المصرية إلى قطع معظم خدمات الإنترنت، بالإضافة إلى قطع معظم خدمات الهاتف الجوال، بغية إجهاض الجهود المبذولة لتنظيم احتجاجات وتظاهرات. وقد أدركت السلطات متأخرة مدى أهمية وتغلغل هذه الوسائل الإعلامية الجديدة بين الشباب، ودورها الفاعل في تحريك الشارع، فقامت بإيقاف خدمة الإنترنت نهائيا بعد يومين من اندلاع الثورة، وخرجت جوجل وفيس بوك وتويتر عن الصمت الذي تلتزمه عادة، لتندد بقوة الحظر الذي فرضته السلطات المصرية على الإنترنت، ومع استمرار التظاهرات المناهضة للرئيس السابق حسني مبارك، انتقدت الشركات الثلاث المصرية التي تزود المصريين بالإنترنت محاولات السلطات حرمان سكان البلاد البالغ عددهم 85 مليون نسمة من الوصول إلى خدمة الإنترنت، وأصدرت إدارة فيس بوك التي لديها خمسة ملايين مستخدم ناشط في مصر بيانا قالت فيه «ما من أحد يجب أن يحرم من حق الوصول إلى الإنترنت، وأن الحد من الوصول إلى الإنترنت لملايين الأشخاص هو مصدر قلق يهم المجتمع في كل أرجاء العالم». وفي رسالة للسلطات أن الإعلام الجديد لم يعد يحجبه شيء، وتأكيدا على إشاعة أجواء حرية تبادل الأنباء والمعلومات، فقد أنشأت جوجل صفحة «كرايسيس ريسبونس» مع رابط بوسيلة «سبيك تو تويت» و«سيتيزن تيوب» وأرقام خدمات الطوارئ «وغوغل مابس» مع تحديد أماكن التظاهر في مصر، الجدير بالذكر أن غوغل وشعارها «لا تكن شريرا» اتخذت في الماضي مواقف رافضة لحجبها في بعض الدول، مثل فرض رقابة على نتائج البحث عبر الإنترنت في الصين. ولاشك أن الدعاية الإيجابية التي حصلت عليها غوغل وفيس بوك ويوتيوب وتويتر، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الثورة المصرية، قد أكسبها شعبية مضاعفة، باعتبارها الوقود الهادئ الذي أشعلها على مدى الأعوام القليلة الأخيرة.