أصبح المنتخب السعودي هو المادة الدسمة للحديث في معظم حلق النقاش والمنتديات، وذلك لارتباط كل ما حدث له في كأس آسيا 2011، بقرارات كان من شأنها إعادة ترتيب المنظومة الرياضية في المملكة العربية السعودية بشكل عام، ولكن ما أود التنبيه إليه هو عودة الحديث السابق عن طرح أسماء مدربين، والبحث عن مدير فني للمنتخب وأسماء يمكن ترشيحها بل إن الموضوع تعدى ذلك كله إلى ترشيح أسماء بعينها، ودعوني أقول بكل صراحة كما يقول المثل الشعبي «عادت حليمة لعادتها القديمة» فلو أن مشكلة المنتخب تنحصر في المدرب أو المدير الفني، لهان الأمر، ولكن المشكلة مرتبطة بثقافة اللاعب السعودي حيال مشروع الاحتراف الذي امتهنه، ولم يكن مؤهلا للوفاء بمستحقاته، وحتى أبسط الموضوع أضرب مثلا بالطالب الذي يوفر له الملبس الجديد والأكل والشرب والدروس الخصوصية، وأحدث أنواع الكمبيوتر، وآخر صيحات ألعاب الحاسوب، وسائق يصحبه يوميا من وإلى المدرسة، ويرافقه في جميع تحركاته خارج أسوار المدرسة، فضلا عن المصروف المجزي الذي يعادل راتب موظف رسمي، وفي النهاية تأتي النتيجة مخيبة لآمال والديه، فيبدأ الوالدان باستعراض ما وفر لهذا الابن من ميزات لو وفرت لغيره لأتى بما لم تأتِ به الأوائل، ونسي هذان الوالدان أن الموضوع أكبر من كل ما وفراه ويتجاوز كل طموحاتهما، ذلك أن العامل المؤثر والعنصر المهم في كل ما ذكر يتوقف على رغبة واستعداد هذا الابن في التعليم من عدمها، وكل ما وفر له لا قيمة له بدليل أن ابن الحارس يذاكر على مصباح الطريق وحقق النسبة التي تؤهله لدخول الكلية التي يريدها، وهو في وضع لا يسمح لوالديه بتوفير لقمة العيش، فضلا عن قائمة الترف التي وفرت للابن المدلل، وهذه هي المفارقة العجيبة في الحياة، تعطيك بقدر ما تعمل لا بقدر ما تنفق، لأن ما تنفقه لا قيمة له إن لم تعمل، ولكن حققت المعادلة ووازنت كفتيها، بحيث تستثمر ما تنفقه في عطاء ناجح فأنت جمعت الحسنيين، عموما هناك استحقاقات تتطلبها المرحلة المقبلة إن كان هناك مشروع لإعادة تأهيل المنتخب، ومن أهمها أن يركز على العامل اللياقي للاعب السعودي، وهنا يبرز دور الأندية بضرورة أن تلزم اللاعبين وبشكل صارم على احترام قواعد الاحتراف، بحيث يجب أن يعود اللاعب نفسه على النوم مبكرا والبعد عن التدخين، والسهر، والسفر بشكل معقول، فضلا عن أهمية زيادة الحصص التدريبية للاعب، مما يكسبه القدرة على مجاراة الفرق الأخرى من حيث السرعة وجدية الأداء، فهل سنلتفت إلى مثل هذه القواعد عند التفكير في بناء منتخب يمكن أن يكون له هوية؟.