العنوان: من أجل التاريخ والأجيال، عبدالله الطريقي المؤلف: د.عبدالعزيز الدخيل الناشر: الفارابي عدد الصفحات : 63 صفحة في وقت تندر فيه الكتب التي تتناول الأسماء المضيئة في تاريخ الدولة السعودية، يأتي كتاب «من أجل التاريخ والأجيال، عبدالله بن حمود الطريقي وزير البترول السعودي الأول» لا ليسجل شهادة في أحد أهم الرجالات الوطنية، بل ليوثق شيئا من شهادة التاريخ فيه، توثيقا لم يأتِ إلا من رجل صاحب اسم لامع في ساحته، هو الدكتور عبدالعزيز الدخيل، مؤلف هذا الكتاب الذي يشكل بعدد صفحاته القليلة خطوة أولى ومهمة لجيل يبحث عن قراءة تاريخه الوطني خارج مناهج التعليم التي قتلت التاريخ بروتين الحصص المدرسية. يقدم الدخيل لكتابه بتحديد أهم مرحلتين مر بهما البترول في الشرق الأوسط، وهما تأسيس منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» عام 1960 محطة أولى، تلاها ما يسميه الدخيل محطة إمساك الأوبك بزمام القيادة التي تم خلالها تصحيح سعر البترول في السبعينيات الماضية، مشيرا من خلالهما إلى الدور الذي لعبه الطريقي في الدفاع عن حقوق بلاده السيادية، مضمنا اقتباسا وحيدا له رحمه الله من آخر مقابلاته الصحفية «أنا من أفراد هذه الأمة العربية، أو من هذا الجيل الذي عانى التخلف ورأى كيف تضيع الفرص الثمينة»، ليذكر القراء من الجيل الجديد بما يشبه النصيحة الأبوية بأن الطريقي رجل مبادئ وقيم خدم وطنه بالعلم والإخلاص في العمل، مؤكدا لهم أن هذه الوريقات ليست كافية للإلمام بمحطات وتجارب الرجل العظيم. يلخص المؤلف للطريقي/ الإنسان في أربع صفحات يليها عنوانان يرسمان المسيرة العملية له، أولا في المجال الوطني، وثانيا في الساحة الدولية، فيقول الدخيل عن الرجل السعودي الأول للبترول: «لم يكن الطريقي راديكاليا في تعامله مع الشركات الأجنبية، رغم انتمائه الوطني والقومي، بل كان يؤمن بمبدأ التطور التدريجي بعيدا عن التشنج السياسي». والدخيل في رأيه هذا لا يعتمد على استنطاق مواقف وتجارب الرجل فقط، إنما بقراءة مقالاته وحواراته الصحفية كذلك، كما أنه في تحضيره العمل على هذا البحث أجرى عددا من اللقاءات مع رجال عايشوا الوزير مثل الدكتور نقولا سركيس الذي شارك الطريقي إدارة المكتب العربي للدراسات البترولية. الطرح الموضوعي للدخيل لم يثنه عن قول رأيه الشخصي بأن الطريقي يعتبر مؤسس المدرسة الوطنية في الفكر البترولي العربي، وأنه الرجل الذي لم يساوم على المبادئ، فهو بعد إحالته إلى التقاعد استمر في تقديم الرأي والمشورة لكل الدول العربية بقطع النظر عن الزعامات المختلفة أو الإيديولوجيات المتنوعة، فجميعهم بالنسبة إليه عرب، والثروة النفطية ليست إلا ملكا لهذه الشعوب العربية، ثم يكرر الدخيل في أكثر من موضع في الكتاب قوله بأن الوزير لم يكن ثوريا، ويمرر بأنه لم يكن من الرفاق وبائعي الشعارات وكان ثابتا دوما على الصراط الوطني المستقيم. في الخاتمة يؤكد المؤلف أن جهده في هذا الكتاب يبقى خطوة متواضعة لتوثيق تاريخ المواطن والمسؤول الذي أثبت في هذا الزمن أن للمواطنة الحقة أهلها، تاركا للقارئ علامة استفهام كبيرة لا تجد جوابها، فهو الذي أشار إلى إحالة الوزير عبدالله الطريقي إلى التقاعد 1961 وهو في الثالثة والأربعين من عمره دون أن يذكر في سطور كتابه سببا وراء هذا التقاعد المبكر، ودون أن يتساءل عنه حتى، فترك للقارئ 36 عاما عاشها الطريقي بعد تقاعده مساحة بيضاء تماما، كأن الدكتور عبدالعزيز منذ البدء وهو يقول بكل الحسرة عن ضياع الكثير من الوثائق عن حياة الرجل العظيم، يذكر الجيل الجديد أن أهم الأسئلة عن الطريقي لم تطرح بعد.