لم تنته معاناة الأحياء المتضررة في جدة، فالكثير منها ما زال يعاني من آثار الأمطار وبعضها الآخر لا يصلح للعيش الآدمي فيها. كما أن الشوارع والطرقات تحولت إلى مستنقعات وأماكن تجمع القاذورات والمخلفات، ولا تخلو من الحشرات والبعوض الذي يتسبب في كثير من الأمراض. لكن يبدو أن هذا المشهد لم يرق لكثير من الشباب المتطوعين، فقرروا التعاون مع بعض الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية لتلبية احتياجات الأهالي المتضررين، وحصر الأضرار المستعجلة لاستدراك الأمور. وبادرت جمعية اكتفاء بالتعاون مع فرق الدفاع المدني لتغطية هذا الجانب متوجهين إلى داخل الأحياء المتضررة، وتعبئة استمارات بحثية للتعرف على طبيعة الحالة، وتبيان الأضرار التي تستحق المعالجة. وأوضحت مسؤولة قسم البحث الميداني في جمعية اكتفاء نايفة أحمد الطنجي، أن هذه الكارثة حركت الشباب والفتيات لخدمة المتضررين من الأحياء العشوائية خصوصا: «وصلنا حتى الآن إلى حي غليل، والهنداوية، والشرفية، والرويس، الحمراء، والبلد، وشارع فلسطين، وتم تقسيم هذه الأحياء والمناطق المتضررة ووضعها ضمن جدول يومي، ليتم مسحها بشكل كامل، وقد تطوعنا بمشاركة مجموعة من الشباب مع الفتيات للمسح الميداني للأحياء المتضررة والوقوف على حالاتهم ورفع تقارير عن هذه الأسر التي تضررت إبان السيول». معاينة داخلية وأشارت نايفة إلى أن الفريق الميداني لا بد أن يدخل إلى البيوت المتضررة ليتم معاينة الأضرار التي تستحق، وتوثيقها بالصور الفوتوغرافية، ليتم إرفاقها ضمن التقرير اليومي، إضافة إلى تعبئة استمارة تبين حالة كل رب أسرة متضررة. كما ركز المتطوعون على الاحتياجات الغذائية، وتوفير الأشياء المستعجلة التي تضررت مثل أن يكون هناك خرق في جدران المنزل أو سقفه، ومن ثم تدوين جميع الاحتياجات التي أتلفت بسبب الأمطار أو التي فقدها المنزل مع السيول. واتضح من خلال البحث أن الاستمارات التي يتم تعبئتها من قبل المشرفين تدرس حالة هذه الأسر اجتماعيا، واقتصاديا، والتعليمية، والصحية، والنفسية أيضا. وتبدأ الترتيبات اليومية للنزول الميداني منذ ال 8.00 صباحا، ليجتمع المتطوعون ويتم فرز المتواجدين إلى مجموعات وتحديد الأحياء التي سيتم تغطيتها لهذا اليوم، وفي ال10.00 تنطلق الفرق إلى الأماكن المحددة ليتم مسحها بالكامل والتعرف على احتياجات الأهالي المتضررين. وأوضح الشاب أحمد العيدروس ل «شمس»: «وجدنا تفاعلا جيدا من الشباب المتطوعين أولا، كما أن الأسر المتضررة تتعاون معنا بشكل جيد، وتسمح لنا بمعاينة البيت بالكامل ليتيسر لنا كتابة التقرير بشكل واقعي ليحكي معاناة الأهالي الحقيقية». وأشار العيدروس إلى أنه ما زالت حتى الآن هناك الكثير من الأحياء بحاجة إلى مسح ميداني للكشف عن احتياجاتهم، وما نقوم به هو جزء لا يتجزأ من واجب كل مواطن ينبغي أن يقوم به. فترتا عمل وينقسم المسح الميداني لفترتين، تمتد الفترة الأولى من ال 10.00 صباحا، وحتى ال 4.00 عصرا، وتبدأ الفترة الثانية من ال 4.00 عصرا وحتى ال 10.00 مساء. ويتواجد عدد لا بأس به من المتطوعين ليعملوا على فترتين، بحيث يستمر العمل بشكل جيد وتحصل الفائدة. كما تم التركيز أكثر على المتضررين المتواجدين داخل بيوتهم في الأحياء، ولم يخرجوا من هذه البيوت لسبب أو لآخر، وذلك حسبما أكدت نايفة: «بعض الأهالي تواجدوا داخل مساكنهم على الرغم من الأضرار التي منوا بها، ويشكو البعض من عدم زيارة الدفاع المدني لهم، والبعض الآخر اشتكى التجاهل، وكثيرون يؤكدون أن المساعدات لم تصلهم على الرغم من المسح الميداني المتكرر لهم من قبل بعض الجمعيات الخيرية». كارثة صحية كما أشارت الطنجي إلى أن الأحياء المتضررة تحولت إلى مناطق قذرة تحمل الأوبئة والحشرات والميكروبات، كما أن الشوارع والطرقات ممتلئة بالمياه الملوثة التي تسبب الأمراض، إضافة إلى أن المخلفات موجودة في كل مكان. مؤكدة أن الاحتياج إلى الجانب الصحي وتوفيره بين الأهالي بات شيئا مهما ورئيسيا خصوصا هذه الأيام، حتى لا تتوسع هذه الأضرار وتتحول إلى كارثة صحية في المنطقة. وتوقعت مسؤولة البحث الميداني الانتهاء من المسح الميداني خلال أسبوعين: «حسب الخطة التي أعددناها لتغطية احتياجات الأسر المتضررة فنحتاج إلى أسبوع كامل للانتهاء منها، وربما نزيد عليها أسبوعا أيضا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، إضافة إلى التأكد من وصول المساعدات والاحتياجات إلى الأسر» .