تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير في «يوم الرحيل»، أمس، وأدوا صلاة الجمعة، وبكوا شهداءهم، ثم انطلقوا بحماس يدورون في الميدان الفسيح صابين جام غضبهم وهتافاتهم على شخص واحد هو الرئيس حسني مبارك. وغص القسم القريب من مجمع المصالح الحكومية في الميدان بالمصلين الذي لم يغادره بعضهم منذ أسبوع في اعتصامات مفتوحة. وامتاز تحرك المتظاهرين ب «الهدوء النسبي» رغم ضخامة الأعداد المشاركة، مع أن الكثير من الأوساط كانت تخشى أحداث عنف واسعة، مع دعوة قوى لمسيرات مؤيدة لمبارك، تحت شعار «يوم الاستقرار». أطلق المصلون المتظاهرون العنان لهتافاتهم بحماس منقطع النظير، بعد انتهاء الصلاة، مع لازمة تتكرر بين هتاف وهتاف هي «ارحل ارحل». وسجل مدخل كوبري قصر النيل إلى ميدان التحرير بعد الصلاة تدفقا كبيرا لقادمين جدد أرادوا المشاركة في «جمعة الرحيل». وفرضت قوات الجيش طوقا أمنيا مشددا للمرة الأولى بهذه الشدة حول ميدان التحرير. وكان لا بد من السير على الأقدام أكثر من كيلومتر للوصول إلى مدخل الميدان من جهة كوبري قصر النيل. وبانتظار إجراءات التفتيش وصل عدد المتجمعين بانتظار دورهم عند هذه البوابة إلى عدة آلاف. أما «الجبهة الساخنة» في الميدان وهي المنطقة الفاصلة بينه وميدان عبدالمنعم رياض بمحاذاة المتحف المصري، فقد كانت هادئة للمرة الأولى منذ أيام عدة. والسبب أن الجيش أقام منطقة فاصلة بين الطرفين يصل عرضها إلى نحو 150 مترا ما جعل من المستحيل العودة إلى تبادل التراشق بالحجارة. وحدثت اشتباكات بين عناصر مؤيدة للرئيس مبارك، وأخرى معارضة له قرب ميدان طلعت حرب، الواقع على بعد نصف كيلومتر تقريبا من ميدان التحرير كما سمع صوت طلقات نارية لم يتضح مصدرها في الأحياء المحيطة بالمنطقة. وفي الإسكندرية تظاهر عشرات الآلاف بعد أن تجمعوا أمام مسجد القائد إبراهيم وسط المدينة، وأطلقوا هتافات تدعو إلى إسقاط الرئيس مبارك. وتشكلت غالبية المشاركين من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وحركات «كفاية و6 أبريل ومحمد البرادعي». وأوقعت المواجهات في مصر حتى الآن نحو 300 قتيل وأكثر من ألف جريح. وتطرح المماطلة الواضحة التي يتبعها الجيش المصري، الذي لا يستخدم القوة ضد المتظاهرين لكنه أيضا لم يتصد للهجمات التي يتعرضون لها، علامات استفهام كبيرة بشأن دوره الذي سيكون بلا شك حاسما في إنهاء الأزمة سواء نهاية دموية أو سياسية. ويتساءل المحللون عما إذا كان هذا الموقف يعود إلى تواطؤ مع الشرطة في طريقتها القمعية أو إلى الحذر حيال وضع متطور أو إلى انقسام في مؤسسات الدولة أو مجرد الرغبة في كسب الوقت للتفاوض على خروج آمن للرئيس مبارك؟ وقال دبلوماسي غربي طلب عدم كشف اسمه إن هذه التساؤلات «تظهر أن كثيرا من الأشياء تتحرك داخل النظام والجيش». وكان وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي أول مسؤول رسمي يتوجه إلى ميدان التحرير، معقل حركة الاحتجاج الشعبي غير المسبوقة التي تشهدها مصر منذ 11 يوما ضد الرئيس المصري، حيث جاء «لتفقد الأوضاع». من جانب آخر، أكد وزير التجارة والصناعة المصري السابق رشيد محمد رشيد أن سفره خارج البلاد كان بموافقة السلطات المصرية وعلمها وبعد أن رفض نفس حقيبته الوزارية ضمن التشكيل الوزاري الجديد بقيادة الفريق أحمد شفيق. وأكد رشيد أنه علم بقرار النائب العام المصري بمنعه من السفر خارج البلاد وتجميد أرصدته من وسائل الإعلام وأنه الآن في دبي .