ما إن تبيّن حجم كارثة أمطار جدة، حتى بدأ العديد بالتباكي والنواح على عام مضى دون تغيير، أو على أضرار وانهيار، بينما صمتت الشركات وتوارت الأمانة والبلديات، واختفت فلاشات المشاريع ومانشيتات الإنجازات، ولكن هناك البعض لم ينتظر مزيدا من وقت، بل سارع إلى العمل، ليتجاوزوا 2000 متطوع ومتطوعة. إنهم جيل الشباب يا سادة، هذا الجيل الذي يعي تماما حقوقه، ويحب وطنه، ويعمل بعيدا عن أضوائكم وشعاراتكم ومشاريعكم التي تتم ترسيتها من الباطن.. الشباب الذي أعنيه هو الذي افتخر به الأمير خالد الفيصل حين زارهم في مركز جدة للمعارض، ووجدهم متكاتفين شبابا وفتيات يعملون ليجعلوا جدة أفضل، ويمسحوا خراب إهمالكم يوم المطر، شباب تم منعهم من المراكز الترفيهية والمجمعات التجارية، يسارعون اليوم ليمدوا يد العون لإزالة ما أصابها من خراب، فتيات تم نعت بعضهن بالسافرات وقليلات الأدب، يسارعن اليوم لرسم ابتسامة على أسر عدة، إنهم الشباب الذين تطوعوا لا يبتغون من وراء عملهم جزاء ولا شكورا، يبتغون وجه الله ورفعة هذا الوطن، يدفعهم حبهم لمليكهم وبلدهم. شباب وفتيات يحزنون ويعلنون غضبهم لأن اللجان هناك أخبروهم «اكتفينا»، لا يريدون البقاء متفرجين أو ناقدين، سواعدهم مشمرة، كل بما يستطيع، طلبة الكليات الطبية والكليات الفنية وغيرهم. الجميل واللافت اشتراك شباب وفتيات من المقيمين والمقيمات هنا، لا يحملون الجنسية السعودية، ولكنهم يشاطروننا حب السعودية، يشاطروننا أفراحنا وأتراحنا في المدن ذاتها، هم من نسيج لحمة هذا الوطن، يسعفون وينقذون ويشاركون في الأعمال الإغاثية والتطوعية، كلهم هنا من مواطنين ومقيمين الشباب والفتيات، من أجل جدة، هذه العروس التي أفسدتموها، ووصفتمونا نحن أبناء هذا الجيل بأننا «سطحيون» و «عديمو الثقافة» و «تافهون»، جيل الهامبورجر والكدش وطيحني، ها أنتم اليوم تتسابقون للإشادة بنا وبهمتنا. ولكن عذرا يا سادة، فلم نعد نهتم بما تقولون، كان لكم زمنكم، واليوم هو زمننا، فلا تأخذكم الحماسة بعيدا، ولا نقبل المزايدات في حب الوطن، فالمملكة العربية السعودية وطن الجميع، وهذا هو وطننا.. مهوى أفئدة المسلمين.