كشفت نهائيات كأس آسيا ال 15 لكرة القدم المقامة حاليا في الدوحة، هوة شاسعة في المستوى بين بعض منتخبات شرق آسيا وغربها بدليل فشل أي منتخب عربي في حجز مكانه إلى الدور نصف النهائي. وهي المرة الأولى التي لا يوجد فيها العرب في دور الأربعة منذ الدورة الخامسة في تايلاند عام 1972، التي شكلت نقطة تحول مهمة في تاريخ البطولة الأسيوية لأنها شهدت المشاركة العربية الأولى فيها بعد أن نجحت الاتحادات العربية في إبعاد إسرائيل عن الاتحاد الآسيوي. وكانت الفرصة مثالية لكي تحقق المنتخبات العربية طموحاتها في البطولة الحالية التي تقام على أرض عربية، خصوصا أنها جميعها حظيت بمؤازرة جماهيرية جيدة وإن كانت متفاوتة بين منتخب وآخر. وكان أحد ممثلي العرب طرفا في النهائي في جميع البطولات السابقة التي استضافتها دول عربية بما فيها النسخة التاسعة في الدوحة أيضا. خيبة كبيرة الطموحات العربية كانت كبيرة جدا في دورة الدوحة 2011 بوجود ثمانية منتخبات عربية، ومؤازرة لافتة من جماهيرها، لكن خمسة من الفرسان العرب سقطوا في الدور الأول هم السعودي والكويتي والبحريني والإماراتي والسوري، في حين توقف مشوار الثلاثة الآخرين عند حاجز ربع النهائي، وهم العراقي والقطري والأردني. ولكل منتخب قصة وحكاية في هذه البطولة، خصوصا في الدور الأول، وكان نجمه المنتخب السعودي الذي يتقاسم مع نظيريه الإيرانيوالياباني الرقم القياسي برصيد ثلاثة ألقاب، إثر تلقيه ثلاث هزائم أمام سورية 1-2، والأردن صفر-1، واليابان صفر-5، فأقيل مدربه البرتغالي جوزيه بيسيرو بعد الخسارة الأولى وأسندت المهمة إلى ناصر الجوهر الذي لم ينجح هذه المرة في تعديل الأمور، كما أدت هذه النتائج إلى قرار ملكي بتعيين الأمير نواف بن فيصل بدلا من الأمير سلطان بن فهد الذي استقال من جميع مناصبه الرياضية. أما منتخب الكويت المتوج بطلا للخليج للمرة العاشرة في تاريخه، فخرج بخفي حنين أيضا، رغم وجود أسماء توقع لها كثيرون التألق آسيويا، خصوصا فهد العنزي، لكنه تلقى ثلاث هزائم أيضا أمام الصين صفر-2 «في مباراة شهدت أخطاء تحكيمية فادحة» وأوزبكستان «1-2 » وقطر «صفر-3». وكان منتخب البحرين ضحية المجموعة الثالثة القوية إلى جانب كوريا الجنوبية وأستراليا المرشحتين لإحراز اللقب، فخسر أمامهما بصعوبة 1-2، وصفر-1 على التوالي، وحقق فوزه اليتيم على الهند 5-2 بقيادة مدربه سلمان شريدة، لكنه افتقد خدمات عدد من لاعبيه الأساسيين بسبب الإصابة والإبعاد. ويعد المنتخب السوري أبرز الخاسرين العرب في الدور الأول، فبعد بداية قوية جدا بالفوز على السعودية 2-1، سقط بصعوبة أمام اليابان 1-2، وشكلت مباراته الثالثة مع نظيره الأردني قمة خاصة كانت الغلبة فيها للأخير 2-1. أما المنتخب الإماراتي، فخرج بتعادل سلبي مع كوريا الشمالية وخسارتين أمام العراق، بهدف لمدافعه وليد عباس عن طريق الخطأ في الثواني القاتلة، وأمام إيران صفر-3، ما فتح نقاشا واسعا في الإمارات حول العقم الهجومي ومسؤولية الأندية في التعاقد مع مهاجمين أجانب وعدم إعطاء الفرصة للمحليين. وعلى الرغم من كل ذلك، بقيت الآمال العربية معلقة على الثلاثي القطري والعراقي والأردني في ربع النهائي، الأول خرج بصعوبة أمام اليابان 2-3، رغم أنه تقدم مرتين ولعب نحو نصف ساعة متفوقا بعدد اللاعبين بعد طرد مايا يوشيدا، والثاني كان ندا قويا لأستراليا قبل أن يفقد لقبه بسقوطه بهدف بعد التمديد، والثالث وقع ضحية تألق المهاجم الأوزبكي أولوجبك باكاييف الذي خطف هدفين في الدقائق الخمس الأولى من الحصة الثانية. قد تكون الدروس كثيرة من مشاركة المنتخبات العربية في هذه البطولة، سوء الإعداد والتخطيط وغياب ذهنية الاحتراف لدى اللاعبين وأخطاء المدربين والإصابات وما شابه، لكن الأكيد أن فارق المستوى مع منتخبات شرق آسيا بدأ يتسع، ما يتطلب معالجات جذرية لاستعادة الألقاب في كأس آسيا وفي تصفيات كأس العالم أيضا. كما أن نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا عام 2010 شهدت غياب أي منتخب من عرب آسيا للمرة الأولى منذ مونديال إسبانيا عام 1982، إذ مثلت القارة فيها منتخبات أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية. وحتى منتخب إيران، الوحيد الذي حقق ثلاثة انتصارات في الدور الأول من البطولة الحالية، لم يقو على مجاراة نظيره الكوري الجنوبي أمس الأول فسقط أمامه بهدف بعد التمديد، مع أنه اعتمد نهجا دفاعيا للحد من سرعة الكوريين وخطورتهم. وجاء كلام مدرب منتخب إيران آفشين قطبي ليلخص تماما حقيقة الأمور بقوله «أعتقد أنه عندما نرى المنتخبات الأربعة المتأهلة إلى نصف النهائي يتضح لنا أن ليس من بينها أي طرف من غرب آسيا، وهذا يعني أن علينا في هذه المنطقة واجبات كثيرة للقيام بها، فدول مثل كوريا الجنوبيةواليابان عملت كثيرا على مختلف الأصعدة لتطوير اللعبة، وتضمان عددا من اللاعبين في أوروبا، وعلينا أن نتعلم من هذين النموذجين» .