الصوت لمن لا يدرك عالم من الشعرية مكتظ بالجنون لم يتقن تجسيده من الشعراء إلا القليل، يقول الشاعر سعد الحريص: «وينك نحل صوتي من الحزن والصمت» هذا الصدر مذهل فعلا فتمثيل حالة الحزن والألم التي اعترت الصوت بهذا الشكل وكأنه إنسان عاشق انعكست على جسده مظاهر ضيقه نحولا كان أمرا لا أعتقد أن أحدا قد سبقه عليها، واختصرت الكثير من الكلمات لوصف الحالة بتلك الدقة والتكثيف وكأنها تشكل قصيدة متكاملة الشعور داخل القصيدة. والشاعر بدر بن عبدالمحسن كان ممن أدركوا ذلك حين قال: «كتبت اسمك على صوتي» فذلك ينم عن شعرية متفردة وكأنه لم يكتبها ل غرض أدبي وما هي سوى حالة كتبت نفسها وخرجت بصورتها الشعورية التي أحس بها الشاعر واختصرت الكثير من الجمل الهشة والاستطرادات الركيكة، وأيضا في رائعته الأخرى حينما قال «صوتك ينادي تذكر» وكأن الصوت إنسان يخاطبنا يستحث الذكريات ويستنهض الحنين، ويسكننا ماض لن يعود. وكذلك الحميدي الثقفي حين قال: «لذا صوتي رما دلو الكلام وقطع حباله» ف الصوت هنا عقل مدرك وحكيم، عرف طيش الدلو وأهميته المعدومة ونفاه إلى الأبد، هنا الصوت لم يكن حالة شعورية كتبت نفسها مثل أبيات البدر بل كانت أقرب ل حالة الوعي والإدراك بالشيء، الإدراك الذي يجعل العقل يفكر يتأمل يقارن ويقرر، وبالطبع لكل منهما جماله وروعته إن كان في مكانه المناسب كما سبق. ب اختصار، عندما تجد الصوت: «كائن يشعر، يضحك ويبكي، يتأثر ويؤثر» تأكد أنك في حضرة شاعر مبدع! ومض: الكلام ثرثرة وثرثرة.. الصوت غناء وشعور.. ! *شاعرة وإعلامية سعودية