طلال حمزة.. شاعر عابر للأجيال، اكتسب منذ قصائده الأولى في الثمانينيات جمهورا واسعا من عشاق الشعر الشعبي، وتأثر به شعراء شباب ساروا على نهجه في كتابة القصيدة بشقيها العمودي والتفعيلي، لكن ذيوع شعره لم يشفع له عند رواد الأغنية الخليجية فأهملوا نصوصه البديعة. ما سبب غيابك الإعلامي في الفترة الأخيرة؟ هي قائمة طويلة من الأسباب، منها ما هو اختياري، ومنها ما دون ذلك، كما أن ثمة أسبابا أخرى تعود للجو العام في الساحة وعدم ملاءمته لي وعدم انسجامي معه بالشكل المطلوب، لكني بالمجمل أغيب وأحضر حسب الأوضاع والظروف. أنت شاعر رمزي تتوغل في استخدام الرمز ضمن قصائدك التي تأخذ أبعادا مختلفة، ألا ترى أن هذه المنهجية لا تسهم في وصولك لجمهور لا يرغب في مثل هذه المنهجيات الشعرية؟ أبدا، هذا محض افتراء فأنا لا أكتب الشعر الرمزي ولا أنتمي لهذه المدرسة، فما أكتبه ينحصر في نوعين من الشعر، العمودي «النبطي» وشعر «التفعيلة» بلغة واضحة ومفردات متداولة لا تمت للرمزية بصلة، إلا أن سؤالك هذا فيه خلط بين الشكل والمضمون في قصيدة التفعيلة، فالرمزية هي الإشارة أو الإيحاء من خلال مفردات بعيدة عن المعنى المطروح في النص لمعنى أبعد، وهذا ما يكتبه شعراء الحداثة، وأنا لست منهم، وإن كنت مع التجديد وتجاوز المألوف بالمألوف لكني لست مع الحداثة، وبإمكانك الرجوع لجميع قصائدي منذ أن بدأت الكتابة فلن تجد بها ما هو رمزي وغير مفهوم، إلا أنكم في الغالب تخلطون بين الشكل والمضمون كما قلت في البداية. أما عن قولك إن هذا الشعر «التفعيلة» لا يصل للناس فهذا غير صحيح، قد يكون جمهوره محدودا إذا ما قيس بجمهور الشعر النبطي في المنطقة، لكنه في النهاية موجود رغم انحياز ذائقة الناس للنبطي، وبما أني أكتب النوعين فلا ضير من الانحياز فهذا شأن الناس وليس شأني، وللناس فيما يعشقون مذاهب كما يقال. كيف ترى الشعر الحديث؟ هل وصل إلى حدود الممقوت في الفترة الحالية؟ هو موضوع شائك، ولكني أريد أن أقول لك ليست لدينا حداثة في الشعر الشعبي أو العامي في الخليج. «يا جماعة أنتم فاهمين غلط!» فهذا مصطلح خاص بقصيدة الفصحى، وهذا النوع من الشعر له مريدوه وعشاقه. كسرت المسابقات الشعرية احتكار المنابر الإعلامية وأعطت فرصة للموهوبين، فكيف تراها وهل هي إضافة للحركة الشعرية؟ هذه المسابقات لم ولن تضيف للشعر شيئا، لكنها طرحت أسماء جديدة وجميلة في بعض الأحيان، كما أنها وكما قلت استطاعت أن تكسر حالة الاحتكار التي كانت تمارسها بعض المطبوعات، فالإعلام المرئي بلا شك أكثر وصولا وأقوى تأثيرا من الإعلام المقروء، كما أن للجوائز والملايين بريقها الذي يجذب الناس عموما، وبعض هذه البرامج نجح إعلاميا بشكل ساحق وقدم أسماء جميلة تستحق الاحتفاء، لكنها مرحلة أحدثت إرباكا ثم مضت، والبقاء دائما للشعر الجيد لا للأسماء ولا البرامج ولا المطبوعات، فكلها تزول ويبقى الشعر. ما منظورك لمسابقة شاعر المليون المسابقة الأكثر جدلا؟ وكيف ترى الناقد الشعبي في هذه المسابقات؟ البرنامج حقق نجاحا جماهيريا ساحقا بلا شك، وقدم في النسخ الثلاث مجموعة مميزة من الشعراء.. وبعيدا عن آلية البرنامج وطريقة التصويت في اختيار الفائز، يظل هذا العمل جيدا وناجحا، فالشعراء الذين قدمهم البرنامج منذ بدايته موهوبون، وكان للبرنامج الفضل في تقديمهم للناس فهو لم يصنعهم لكنه أعطاهم فرصة كبيرة وجيدة للظهور والوصول للناس، أما موضوع الناقد الشعبي فلله الأمر من قبل ومن بعد!. يأمل البعض من جمعية الثقافة والفنون أن تكون مظلة للحركة الشعرية السعودية.. كيف ترى دورها وهل تقارنها بمثيلاتها في الدول الخليجية؟ شخصيا لم ولن أعول على مثل هذه المؤسسات الحكومية لأسباب شتى أولها أن الإبداع لا ينمو أبدا تحت مظلة الرسمي، فهو حر، والرسمي أشبه بالقيد، أما ثانيها فهذه المؤسسات في الغالب يرأسها ويديرها أشخاص لا علاقة لهم بالشعر، أقول في الغالب فهم موظفون يؤدون أعمالهم حسب رؤيتهم وثقافتهم فكيف نطالبهم بما لا يملكون.. هناك ثالثا ورابعا وعاشرا ولكن ما الجدوى من كل ذلك؟ دع الخلق للخالق. التقنية سهلت المهمة للتواصل كيف ترى دورها في إيصال قصائدك؟ التقنية هبة كبرى ونعمة يجب شكر الله عليها، فقد جعلت العالم بمتناول المبدع الذي أصبح قادرا على الوصول للناس بسهولة ويسر إذا ما أحسن استخدامها والتعامل معها وفق أخلاقيات الإبداع والأدب. من جهتي، تأخرت كثيرا في استخدام الإنترنت في النشر والتواصل مع الآخر، لكني أحاول جاهدا أن أعوض ما فاتني، وأزعم أن المستقبل سيكون للإعلام الإلكتروني فهذه الثورة المذهلة في الاتصالات والإعلام لابد أن تؤتي ثمارها بشكل أو بآخر. «جدة غير» شعار استولى عليه المهرجان السياحي هناك.. ما الذي حدث منذ ذلك الوقت؟ هذا الشعار أخذته الغرفة التجارية بموجب خطاب من أمينها العام في ذلك الوقت موجه لي يضمن كافة حقوق الملكية الفكرية والأدبية والمادية، لكن تأخر الخطاب أدى إلى اللبس الذي وصل للصحافة وتضخم كثيرا. أما الآن فلا وجود لأي مشكلة، بعد أن عادت إلي حقوقي فلم تعد تذكر جدة بشعارها إلا وذكر الشاعر طلال حمزة أو العكس. معظم المهرجانات المحلية أعلنت فشلها في المملكة، إلام تعزو ذلك وكيف تراها مقارنة بالخليجية؟ ثمة أسباب شتى يمكن أن تسهم في إفشال مثل هذه المهرجانات في المملكة، منها التوقيت، فموعد المهرجان مهم جدا لمراعاة الطقس والإجازات، كما أن الأشخاص الذين توكل لهم مهمة تنظيم الأمسيات يجب أن يكونوا على قدر من الخبرة والدراية بالأمسيات ونوعية الشعراء، وعموما أتمنى أن يتم النظر بشكل جدي للمهرجانات حتى تعود بالنفع علينا، وأتمنى لمنظميها الخير والنجاح. مهرجان الجنادرية الأكبر والأضحم سعوديا تواجدت في أماسيه وهي متألقة كيف تراه حاليا؟ ولو قدمت الدعوة لك فهل ستحضر؟ يظل لمهرجان الجنادرية طابعه الخاص ونكهته المميزة فهو بلا شك أهم مهرجان وطني في العالم العربي، فهو حافل بفعاليات مهمة، غير الشعر، كما أن لأمسياته طابعها ولونها الخاص. شاركت في أمسياته مرتين وسأشارك به كلما دعيت للمشاركة، فأنا أنظر لهذا المهرجان تحديدا من زاوية وطنية وعندما يتعلق الأمر بالوطن لا مجال للتقاعس والرفض، أتمنى أن نرى هذا المهرجان في أجمل صورة وأبهاها. ما سبب عزوفك عن كتابة الأغنية؟ بطبعي لا أميل للغناء، ولا أجد نفسي فيه، كما أنني ومن حيث الشعر مهموم بما هو أهم وأكبر من الغناء فقصائدي في الغالب ليست من النوع الطربي أو التي تصلح للغناء، هذا على الأقل من وجهة نظر القائمين على الأغنية، فأغلبهم يبحث عن «الترقيص». ما جديدك وأين دواوينك؟ مجموعة منوعة من النصوص كتبتها في الفترة الأخيرة، إلا أني مشغول بكتابي «وزارة العقل» الذي أتمنى أن يرى النور خلال هذا العام الجاري أو العام المقبل 2012 على الأكثر .