المجيب: خالد بن حسين بن عبدالرحمن مستشار اجتماعي اكتشفنا أخيرا أن والدنا البالغ من العمر 70 عاما يتحرش بالخادمة. فما العمل معه مع أننا ذكرناه بعاقبة الشيخ الزاني، ولكنه مكابر بصحته وبكثرة ماله ولسانه السليط؟ وللعلم فإننا قاطعناه ولا نلقي له بالا في البيت ولا نكلمه. الزنا جريمة منكرة، وكبيرة مهلكة وعدوان على العرض والشرف، وهتك للستر، وقتل للعفاف والحشمة والفضيلة، ونشر للرذيلة، وإضاعة للأحساب والأنساب. وهذه الجريمة تشتد شناعتها ويعظم إثمها إذا وقعت من جليل أو رجل كبير، قد كبر سنه وشاب شعره، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر». والذي أراه في مثل هذه الحالة الآتي: 1 - إبعاد هذه الخادمة من البيت، وفي أقرب فرصة. 2 - التعامل معه برفق وحسن أدب وبر، لأنه لا يزال والدكم وله حق عليكم من البر به والإحسان إليه والشفقة عليه، مع إظهار الغضب واللوم لما قام به، ويكون التعامل معه على قدر الحاجة، لعل ذلك يكون رادعا له. 3 - عليكم أن تعرضوا على والدكم الزواج من امرأة ثانية، ما دام يتمتع بنوع من الفحولة والقوة، وذلك أفضل من ارتكابه لجريمة الزنا، ولعل ذلك الأمر يغضب والدتكم إلى حد ما، لكنه أفضل الحلول وأيسرها وأنفعها بإذن الله تعالى. 4 - عليكم بمناصحته والإكثار من تذكيره بعواقب هذه الفاحشة في الدنيا والآخرة، على نحو ما سبق بيانه، ويكون ذلك بالتي هي أحسن، وبأسلوب مؤدب ومهذب، يشعر فيه بحبكم له، وإشفاقكم عليه. 5 - إذا لم يتيسر لكم ذلك عليكم بإحضار بعض الكتب الإسلامية والأشرطة والنشرات الدعوية، التي تناولت هذه الجريمة وإعطائها إياه عسى الله أن يهدي قلبه للخير. 6 - أكثروا عليه وذكروه بمغبة هذا الأمر إذا فشا وعرفه الناس، ما يكون موقفه أمامهم؟ وما موقفكم أنتم كذلك، أولاده خصوصا؟ وإذا كان هناك بنات متزوجات أو في مقتبل الزواج، فالأمر خطير. 7 - إحضار الكتب والأشرطة التي تزيد الإيمان وترقق القلب، خصوصا التي تتحدث عن الموت وسكراته، والقبر وظلمته والقيامة وأهوالها، والجنة ونعيمها، والنار وعذابها، فإن ذلك أدعى إلى أن يعود إلى رشده ويستيقظ من غفلته. 8 - إذا استطعتم أن تصحبوا والدكم إلى مجالس العلم من المحاضرات والندوات وغيرها، فذلك خير. 9 - لو استطاع أحدكم أن يصطحب والده إلى المساجد التي تكثر فيها صلاة الجنائز، ومن ثم الذهاب إلى المقابر، لعله يتذكر أن ذلك سيكون مصيره المحتوم، فلعل الله يمن عليه بالتوبة والهداية. 10 - وأخيرا أقول لكم جميعا الجؤوا إلى الله بالدعاء أن يهدي والدكم إلى الخير، ويصرف عنه الشر، وأبشروا بالخير فإن الله سبحانه مجيب للدعوات. موعظة للوالد: الرجاء أن يطلع والدكم على هذه الموعظة، أو تلقى على مسامعه، لعل الله ينفعه بها. أيها الوالد الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يا من امتن الله عليه بالصحة والمال، والزوجة والعيال، يا من كبر سنه، ووهن عظمه، واشتعل رأسه شيبا. يا من بلغت ال 70 من عمرك، ماذا بقي لك من متع الحياة، حتى تسير خلف الشيطان وتترك طريق الرحمن؟ أيجمل بك وأنت في هذه السن أن تكون أسيرا لشهواتك، مرضيا لشيطانك، مسخطا لربك، متبعا لهواك، معرضا عن إلهك ومولاك؟! يا هذا أين أترابك وأصحابك وأحبابك؟ وأهلك وخلانك؟ إنهم تحت التراب، إما في روضة من رياض الجنان، وإما في حفرة من حفر النيران، هل تظن أنك مخلد في هذه الدنيا؟ كلا والله، إن مصيرك إلى التراب وظلمة القبور، فأين عقلك؟ أفق يا مسكين، العمر يمر والأيام تنقضي، والأعوام تنتهي، وأنت ما زلت على المعاصي مغترا بقوتك وصحتك، متفاخرا بمالك وجاهك، من الذي أنعم عليك بهذا كله، إنه الله جل جلاله الذي أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة، وبعد ذلك تبارزه بالمعاصي والذنوب ولا تستحي؟ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وكل نفس ذائقة الموت، فالدنيا مهما طالت فهي قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة، والعمر مهما طال لا بد من دخول القبر، وما أدراك ما القبر! واعلم أن الله يفرح بتوبة العبد إذا تاب ورجع إليه، وهو الغني عنك وعن العالمين، فبادر بالتوبة ولا تؤجلها ودع عنك الشيطان فهو يريد أن يضلك لتكون من أصحاب السعير، أعاذنا الله وإياك من النار وحرها. وإذا أردت أن تعرف ماذا أعد الله للزناة يوم القيامة يوم الحسرة والندامة، فاقرأ معي هذا الحديث الرهيب الذي يصور لنا بشاعة الموقف وخطورته: عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى الأرض المقدسة» فذكر الحديث إلى أن قال «فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، فإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا» وفي آخر الحديث قال: «وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني». فاحذر يا رعاك الله أن تكون من هذا الصنف.