تبين الإحصاءات الرسمية والبحوث المتخصصة أن معدلات الانتحار في الهند تسجل ارتفاعا متواصلا، دفع الباحث وأستاذ علم النفس بجامعة لويزفيل الأمريكية، دايا ساندو، إلى تصنيف العملاق الآسيوي على أنه أصبح «عاصمة الانتحار في العالم». وأطلق هذا الباحث، الموفد لجامعة جورو ناناك ديف في أمريتسار في الهند، تحذيراته في هذا الصدد بعد قضاء خمسة أشهر في الهند خصصها للتعمق في دراسة ظاهرة الانتحار في الهند، التي تعد ثالث أسرع كبرى الاقتصادات الصاعدة نموا في العالم من حيث معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بنسبة 8.6 % على مدى الفترة 2010 - 2011. وصرح الباحث دايا ساندو بأن عناوين الأخبار التي اطلع عليها أثناء بحوثه في الهند في الفترة من يناير حتى يونيو 2010، أفادت يوميا تقريبا عن طلاب ومزارعين وربات بيوت شنقوا أنفسهم أو قفزوا من قطارات أو تناولوا السموم. ومع ذلك ورغم تسليط وسائل الإعلام الضوء على هذه القضية، فإن الحكومة الهندية تغض الطرف عنها على جميع المستويات. من جانبه، أفاد الكاتب المتخصص في أوضاع الفقر في الهند، بي سايناث، بأن مزارعا واحدا على الأقل ارتكب عملية انتحار كل 32 دقيقة بين عامي 1997 و2005، وذلك استنادا إلى بيانات المكتب الوطني لسجلات الجريمة. كما كشفت أحدث الإحصاءات التي أجراها المكتب الوطني لسجلات الجريمة أن عدد المنتحرين في الهند قد بلغ 127.151 في عام 2009 وحده، ما يدل على زيادة قدرها 1.7 % مقارنة بالعام السابق. وبينت السجلات أن المزارعين والطلاب هم الأكثر عرضة لخطر الانتحار. ويكمن أحد الأسباب الرئيسية لانتحار صغار المزارعين في الهند في عجزهم عن سداد أقساط الديون التي اضطروا إلى اقتراضها لتلبية أدنى احتياجات العمل والحياة لهم ولأسرهم. وكمثال، يشار إلى حالة هارادان باغ الذي انتحر في سن 76 عاما، كواحد من الآلاف من المزارعين الهنود الذين تخلصوا من حياتهم لعدم قدرتهم على التعامل مع المحن المالية وفشل المحاصيل وثقل الديون والتشرد. فيواجه المزارعون النازحون مثله مشاكل الديون والعجز عن سدادها، جنبا إلى جنب مع غيرهم من المزارعين المقيمين في منطقة فيدارباها بولاية مشكلة ماهاراشترا على سبيل المثال. لكن هذا الظاهرة المأساوية لا تقتصر على المزارعين وحدهم، وإنما تمتد أيضا إلى أسر الطبقة المتوسطة في المدن وكذلك طلاب المؤسسات الأكاديمية المرموقة في الهند. فقد أجرى أستاذ علم النفس دايا ساندو مقابلات مع عدد كبير من الطلاب في الهند، وتبين له أن ضغوط الدراسة وتوقعات الوالدين والزواج والتوتر تأتي ضمن الأسباب الرئيسية لحالات الانتحار بين الشباب. وأفاد بأن عدد مراكز المشورة المتخصصة قليلة جدا في الهند على الرغم من تفشي ظاهرة الانتحار. وعلى سبيل المثال، تعتبر مؤسسة «شريان الحياة» في كلكتا مركز المشورة الوحيد من نوعه في هذه المدينة التي تأوي 15 مليون نسمة، وهو أيضا الوحيد في ولاية البنغال الغربية التي يبلغ تعداد سكانها 80 مليون نسمة. وطبقا لتصريح جاياشري شوم، نائبة مدير المؤسسة أن «الضغوط التي يمارسها الآباء من أجل التفوق في الدراسة أو الوظيفة عامل قوي للإقدام على الانتحار، مضافا إلى عوامل أخرى مثل تعاطي المخدرات ومشاكل العلاقات العائلية» .