لا أجد مفرا من الضحك الذي قد يرتفع إلى القهقهة جراء مشاهدتي لحلقات برنامج «هي وهو» التي لم أعلم اسم البرنامج إلا مصادفة بعد أن كنت أبحث عن آخر المستجدات عن تفجير الإسكندرية في قناة مجاورة وخرج لي الإعلان عن بطل وبطلة المسلسل الذي صدر بطريقة غريبة وانتهى بطريقة مريبة.. ولأن الإنسان مسكون بحب الاستطلاع قررت ذات ليلة أن أرمي بكبريائي وترفعي عن مشاهدة ذلك المسلسل وأن أستبدلها بنصح اجتماعي وأن أربط ما سأشاهده مع فكرة راوحت عقلي أعواما عديدة.. المسلسل الذي يخرج الحقيقة المشوهة ويرمي السم داخل الدسم أستأثر بوقت مجموعة من المشاهدين الذين قد يكون خيارا لهم في ظل نقل صورة معلنة عن بطلين يمثلان دور زوجين وهما في الحقيقة كذلك. ما يطلقه البرنامج جملة من الأمور الموجهة ضحكت قليلا وحزنت كثيرا ليس على نفسي، فالمسألة لا تعدو عندي مشاهدة واستغرابا ورفضا، ولكن أن يشاهد البرنامج ثلة من الأطفال وقليل من المراهقين، فهذه المأساة الإعلامية التي بدأت تتوجه لأجيال هم الأكثر قابلية للتشكل وعقولهم لا تختلف عن قطعة من الصلصال تأخذ شكلا وفق ما يريد مقتنيها. «هي وهو» نتاج تراكمات من توجيه إعلامي مرئي مضلل سمعنا عنه منذ زمن شاهدنا في حقبة سابقة جملة من المؤثرات الفضائية لم تلبث أن نكصت إلى حيث مصدرها ومن ثم اختفت، انتظرنا بعدها إنتاجا يجمع الأسر في قالب فكري واحد لأن الإعلام المرئي وجه حقيقي للصورة التي تحتضنها العقول في مجتمع أو شريحة اجتماعية معينة، ولكن أن يدار الإعلام وتخرج السلوكيات مثل ما تم في «هي وهو» فهو الغرابة بعينها.. المضحك أن بطل البرنامج وبطلته يذكراننا بأفلام المقاولين في الستينيات وبالرومانسية المصطنعة في مطلع السبعينيات التي كتبت بأنامل أجنبية وخرجت لتنفذ العمل في عقر دور العرب.. اصطناع لحيثيات وتداعيات لا تمرر إلا من خلال عقول الأطفال.. بكاء ينطلي بدهاء على أفئدة الصبية الذين لا يفرقون بين التمر والجمر.. الأسر العربية بحاجة إلى عمل يحاكي مشكلات نفسية ومؤثرات اجتماعية حقيقية تدار بأيدي صناع عمل محترفين.. كي يكون المنتج موجهها نحو حقائق لا إلى إرهاصات مستوحاة من برامج الخيال العلمي أو من برمجة لحياة كائنات أخرى... انتهى برنامج هي وهو بكل تفاصيله المضحكة والمخذلة.. وأجزم أنه لم ينته على خير وكانت نهايته غارقة في البؤس والتضليل والتوجيه العلني نحو الخيال ومخالفة المنطق.. أملي أن ينزع من البراءة ما يلوثها وما يشينها من شوائب ومبعثرات لا يعكس واقعنا ولا قيمنا.. وألا نرى إنتاجا مماثلا، وكم ستكون الصدمة لو أحيكت إعادة للبرنامج أو أجزاء أخرى مستقبلا. أمنيتي تدعمها أمنيات من يملك عقلا ومنطقا ويتحدث من باب النقد الصريح الواضح المعلن لأي إعلان أو صراحة تزعزع ثوابت وتلغي أساسيات .