هي.. امرأة لا تملك قدرا من جمال الوجه لكنها تملك قدرا من جمال العقل، لا تهتم كيف تزين جسدها ولا ترتدي على الموضة.. لا يهمها أن تدخل غرفتها لتتأمل المرآة لساعات بحثا عن عيوب أو بشاعة في وجهها أو جسدها، لا تهتم للون أحمر الشفاه ولا لأحمر الخدين أو حتى كيف تهذب حاجبيها، لكنها أستاذة جامعية ناجحة ولديها نظريتها الخاصة عن الحب والمغازلة، ولديها طلاب محبون ومهتمون بالمادة التي تدرسها. تعيش مع والدتها التي تختلف تماما عنها.. سيدة تحب الحياة وتسارع إلى دور الأزياء لاقتناء ما يجعلها جذابة في نظر الرجال، وهذا أمر لم تهتم به روز كثيرا. إذ إنها تهوى أن تمضي أمسيتها في قراءة كتاب وهي تجلس براحة أمام المدفأة بينما موسيقى بيتهوفن تصدح في أرجاء الغرفة وهي ترتدي ما يريح من اللباس حتى لو كان لا يظهر جمال جسدها. هو.. أستاذ جامعي ناجح وكاتب مميز ووسيم أيضا، حضر لها أحد الدروس عن الحب والعاطفة ونظرية الحب دون عاطفة حسية كما يسميها. لأنه يعتقد أن العاطفة الحسية وتبادل الغزل يفسدان أي علاقة بنيت على التفاهم العقلي وتبادل النظريات المشتركة وقراءة كتاب ملهم والاستماع إلى موسيقى جميلة أو حتى زيارة متحف أو معرض فني، وذلك أقصى ما يريده من صحبتها. تزوجا بعد أشهر من المعرفة والأحاديث التي لا تنفصل عن الرياضيات والفكر والأرقام دون حتى أن يلمس يدها.. عاشا رفيقين في منزل واحد يهتمان بعقلهما أكثر من اهتمامهما بالحب والجسد. وكان هو مرتاحا وهي بدأت تفكر بقلبها وبجسدها وتتساءل عن مدى انجذابه لها وهي على هذا الشكل، لم تكن جميلة ولم يكن مهتما، كان يفكر بعقلها أكثر ويجده مغريا للحديث والتشاور أكثر من رؤيته لجسدها المخبأ تحت الثياب الواسعة. أرادت التغيير يوما وتصرفت كسائر النساء اللاتي يهرعن للمرآة لتأمل جمال أنوفهن أو صبغ شفاههن بلون مزيف.. هي تراه مزيفا، لكنها أرادت التغيير حتى يراها أنثى بقلب وجسد وليست بعقل وروح فقط. لم يرق له التغيير المفاجئ، وكان حزينا.. لذلك هجرته وعاشت حياة مختلفة عن طبيعتها. لكنها لم تستطع الصبر أو احتمال الفراق وتلك كانت حاله أيضا. أخيرا عادا لبعضهما وتخلصا من كل النظريات التي تؤطر العلاقة وتجعلها في حدود العقل والروح وعرفا أن الحب هو التوافق والتلاؤم في الثقافة والفكر، وأهم من كل هذا التجاذب الجسدي والعاطفة والشغف. هذا كان مختصرا لفيلم «للمرآة وجهان» من بطولة بربارا سترايسند وجيف برجدس.. بعد أن انتهيت من مشاهدة هذا الفيلم كنت أحمل الكثير من الأسئلة: هل يمكن أن يرتبط الرجل بالمرأة لمجرد التوافق العقلي والفكري دون أن تكون جميلة الوجه والجسد؟ هل بالإمكان أن يستمر أي ارتباط دون علاقة جسدية؟ هل يحب الرجل المرأة الذكية والتي تفكر بعقلها أكثر من قلبها؟ كثيرا ما يمر الرجل أو تصادفه في حياته اليومية الكثير من النساء بمختلف الدرجات من الجمال، لكنه سينجذب حتما لتلك التي تتميز بجمالها وجاذبيتها الخارجية ولن يفطن لعقلها حتما كل ما يهمه هو القشرة الخارجية أو الغطاء الذي يغلف العقل والقلب، ولن يهتم أثناء مبادلة الحب كيف يفكر عقلها بقدر كيف تبادله حرارة العلاقة ودفئها. وفي النهاية أعتقد أن العلاقة الدائمة هي تلك التي ابتنت على التفاهم والتوافق الفكري والعقلي حتى لو كانت ذات حظ قليل من الجمال.. الشكل قد يتغير مع مرور الزمن لكن الفكر والعقل يدوم أبدا. أحببت بربارا سترايسند في فيلمها هذا وأحببت روحها أكثر . مدونة منى العبدلي