بدأ الحزب الجمهوري الأمريكي شحذ سكاكينه مع وصول ثلة جديدة من النواب إلى العاصمة واشنطن، الأسبوع الماضي، استعدادا لتحدي سياسات الرئيس باراك أوباما المتعلقة بحزمة كاملة من القضايا الداخلية بل وإخراجها عن مسارها، إذا أمكن ذلك. وأدت الخسائر الهائلة التي مني بها أوباما في انتخابات الكونجرس النصفية، نوفمبر الماضي، إلى أن يفرض الجمهوريون سطوتهم على مجلس النواب، في حين احتفظ الديمقراطيون بأغلبية هزيلة في مجلس الشيوخ، وهما الهيئتان اللتان تكونان الكونجرس الجهاز التشريعي للبلاد.. أي البرلمان. يشكل الكونجرس السلطة التشريعية في أمريكا ويعتبر ثقلا موازنا للسلطة التنفيذية المتمثلة في البيت الأبيض. ويصوت الكونجرس، ومقره في مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن، على القوانين وموازنات الحكومة الفيدرالية ويحدد السياسة المالية للبلاد. ويضم مجلس الشيوخ 100 عضو، حيث يمثل كل ولاية من الولايات ال50 شيخان «سناتوران»، ويضم مجلس النواب 435 عضوا. ويتم انتخاب الأعضاء، أو النواب لهذا المجلس من مناطق انتخابية، ولابد أن يكون لكل ولاية مقعد واحد على الأقل بمجلس النواب. ويتمتع كلا المجلسين بسلطات متساوية تقريبا. وظل الحزبان الديمقراطي والجمهوري لفترة طويلة من الزمن يسيطران على البرلمان ويتبادلان الأغلبية والأقلية. وبدأ الجمهوريون المنتخبون حديثا في مجلس النواب، الخميس الماضي، فترة ولايتهم بأداء القسم باحترام الدستور بصوت مرتفع، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق في الكونجرس، في إشارة إلى حركة حفلات الشاي التي أحيت فرص التأييد الشعبي للحزب الجمهوري. وأمام هذا الواقع السياسي الجديد، سيضطر أوباما على الأرجح إلى الانتقال إلى دائرة الوسط السياسي، شأنه في ذلك شأن الكثير من الرؤساء السابقين، وذلك بعد عامين من استحواذ رفاقه الديمقراطيين على الأغلبية في الكونجرس بمجلسيه، حسب المحلل السياسي ستيوارت روتينبرج، قائلا: «سيضطر أوباما إلى السير فوق خط دقيق والعمل على التواصل مع المعتدلين والجمهوريين، دون إقصاء القاعدة اليسارية لحزبه». وبعد أن تم انتخاب جون بوينر النائب الجمهوري من ولاية أوهايو رئيسا جديدا للمجلس خلفا للنائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي، فقد بدأت رسميا سيطرة حزبه، الذي يضم خصوم الرئيس باراك أوباما، على مجلس النواب بعد فوزهم في الانتخابات النصفية، نوفمبر الماضي، تمهيدا لخوض السباق إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية عام 2012. وباعتباره رئيسا لمجلس النواب ومدعوما برؤساء اللجان الجمهوريين، ستكون لدى بوينر سلطات لتشكيل جدول الأعمال في البيت الأبيض. وتعهد الجمهوريون بالاقتطاع من النفقات العامة للميزانية وتخفيض حجم الحكومة الفيدرالية. كما يعتزمون السعي لإلغاء إصلاح الضمان الصحي، الذي يعتبر أبرز إنجاز لأوباما. إلا أن أي مشروع لإلغاء القانون، الذي أقر في مارس الماضي، سيصطدم بمعارضة مجلس الشيوخ، حيث احتفظ الديمقراطيون بالغالبية، كما سيواجه الفيتو الرئاسي. ويشكل هذا الأمر تحديا أمام الجمهوريين في الكونجرس لتنفيذ جوانب مهمة من أجندتهم. وأكد الجمهوري إيريك كانتور، الذي سيترأس الغالبية في مجلس النواب، أن حزبه سيطرح كل أسبوع مشروع قانون للحد من النفقات. وطرح الجمهوريون، هذا الأسبوع، مشروع قانون لخفض نفقات عمل المجلس بنسبة 5 % ما يسمح بادخار نحو 35 مليون دولار. كما يعتزمون تنظيم جلسات استماع للتدقيق في أداء الحكومة الفيدرالية في مواضيع مثل تسريبات ويكيليكس والفساد في أفغانستان والأمن الغذائي وضبط عمل الدولة .