استهل رئيس البرازيل المنتهية ولايته لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، سلسلة الاعترافات بالدولة الفلسطينية في ديسمبر الماضي، ثم تبعه رؤساء كل من الأرجنتين وبوليفيا والإكوادور وتشيلي. وينتظر أن يعلن رؤساء باراجواي وأوروجواي انضمامهم لهذا الاعتراف في أي لحظة، في حين وضعت بيرو أيضا هذا القرار على جدول أعمالها السياسية. وكانت فنزويلا الدولة الرائدة في هذا المجال في المنطقة، ما يدل على جانب جديد من التنسيق والتكامل في مجال السياسات الخارجية لهذه الدول بما لا يهدف لتوليد صراعات مع دول أخرى. من الناحية النظرية، جاء هذا التوافق في مواقف دول أمريكا الجنوبية في مجال العلاقات الخارجية استجابة لطلب السلطة الوطنية الفلسطينية. أما من الناحية العملية، فإن مسار الاعترافات هذا يدل على أن هناك أيضا أسبابا خاصة بهذه الدول. «إنه مؤشر جيد لعملية التكامل برؤية استراتيجية للعلاقات الخارجية، وهي أبعد من مجرد الرؤية الاقتصادية كما كان من قبل»، حسب تصريح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سان أندريس الأرجنتينية كاتشيك ديرجوسيان، وأضاف أن «البرازيل باعتبارها قوة ناشئة ترغب اللعب في البطولات الكبرى، وهي الاستراتيجية التي قرر جيرانها مرافقتها في جزء من عملية التكامل. كما أن قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يتعارض مع القانون الدولي لأنه مبني على قرارات الأممالمتحدة، ولا يهدف لتوليد صراعات مع دول أخرى». وأكد أستاذ العلاقات الدولية أن هذا القرار يعتبر «مؤشرا استراتيجيا وتوافقا في الآراء في الساحة الدولية يريده اتحاد دول أمريكا الجنوبية الذي يضم 12 دولة يتكون منها الإقليم، بغض النظر عما تفعله أمريكا أو القوى الكبرى الأخرى». ولقد بدأ التحرك السياسي في هذا الاتجاه بالبرازيل، حيث رد الرئيس السابق لولا دا سيلفا إيجابيا على رسالة من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، بإعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 قبل الحرب، موضحا أن هذا القرار لا يعني التخلي عن الاقتناع بحتمية المفاوضات مع إسرائيل التي انتقدت على الفور قرار البرازيل، وقالت واشنطن إن هذا الاعتراف «سابق لأوانه»، وإنه «تدخل ضار للغاية» بعملية السلام في الشرق الأوسط. وسارعت الأرجنتين بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان القرار البرازيلي بالإعلان أن «الوقت قد حان للاعتراف بفلسطين دولة حرة ومستقلة». واعتبرت الحكومة الأرجنتينية أن قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية «بالغ الفائدة» من أجل «تحقيق تقدم في عملية تفاوض تؤدي إلى إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط». هذا القرار الأرجنتيني لم يكن متوقعا بهذه السرعة من جانب الفلسطينيين أنفسهم. وسارعت أوروجواي بدورها بالإعلان أنها ستكشف عن موقفها قريبا. وفي الوقت نفسه، وقعت أوروجواي في مؤتمر قمة ميركوسور «السوق المشتركة للجنوب»، الذي انعقد في منتصف ديسمبر الماضي، وباعتبارها شريكة للأرجنتين والبرازيل وباراجواي، على اتفاقية للتجارة الحرة بين هذه الكتلة وفلسطين. واستمرت سلسلة الاعترافات مع اقتراب نهاية 2010، فأعلن الرئيس البوليفي إيفو موراليس الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأوضح أن بلاده لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام قضايا الحقوق والأراضي والسيادة للشعب الفلسطيني. وأشار رئيس الإكوادور رافائيل كوريا، في رسالة إلى محمود عباس إلى أن دعم بلاده يهدف ل« الدفاع عن تطلعات الشعب الفلسطيني الثابتة والمشروعة في أن تكون له دولة حرة ومستقلة».