ظل العسل قرونا طويلة مصدر الصحة والعافية. واعتبره القدماء رمز الصفاء وسرا من أسرار الحياة، وكان الفراعنة يقدمون العسل للطفل يوم ولادته تعبيرا عن السعادة الدنيوية التي يتمنونها له. وقد كان ابن سينا يوصي بتناول العسل بانتظام خاصة لمن تجاوز الخامسة والأربعين للمحافظة على الشباب والحيوية. توجد في المملكة خاصة المنطقتين الشمالية والجنوبية العديد من المناحل المنتجة بسبب وجود الجو المناسب والمزارع التي تعتبر من أهم العوامل المساعدة على إنتاج عسل صحي وعال الجودة، لكنها لا تزيد على أن تكون هواية تحولت إلى زيادة في الدخل أو موروث عائلي امتهن تربية النحل، وفي كلتا الحالتين الإنتاج ضئيل لا يفي بحاجة السوق المتعطش لإدخال العسل في قائمة طعامنا اليومي، على الرغم من وجود جميع العوامل المساعدة لإنتاجه بكمية وفيرة وجودة منافسة. إن فكرة إنشاء مشروع مبني على تربية النحل لإنتاج العسل لا شك أنه من أنجح المشروعات الاقتصادية وبهامش ربح مرتفع كون تكلفة إنشاء خلايا للنحل ومتابعتها تعتبر زهيدة مقارنة بسعر البيع العالي. بل إن خلايا النحل تستمر لمدة طويلة، ويمكن أن تنقسم مرتين إلى ثلاث مرات في السنة الواحدة، أي أن الخلايا المنتجة يمكن أن تتضاعف خلال سنة واحدة دون الحاجة إلى ضخ سيولة إضافية. الجميل في هذا المشروع أنه يمكن أن نحصل منه أيضا على غذاء ملكي وحبوب لقاح وشمع تمثل عائدا إضافيا للمشروع. لوضع هذه الفكرة حيز التنفيذ العملي وبشكل علمي لابد من وجود حاضنات تشرف عليها وزارة الزراعة وبالتعاون مع كليات الزراعة في الجامعات لتدريب الراغبين في الاستثمار في هذا المجال خصوصا في المناطق الزراعية ومدعومة من جهات التمويل الخاصة بدعم المشروعات الصغيرة. إن وجود حاضنات تربية النحل ستضيف قناة استثمارية ووظيفية أولية لقطاع الأعمال الصغيرة في المجال الزراعي، وستحفز جيلا جديدا على المديين المتوسط والبعيد للتوسع في الاستثمار الزراعي الاستثماري. * استشاري في الأعمال الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية