بدأ عدد من طلاب ومعلمي مكة، ممن أجبرتهم المشاريع التطويرية في المنطقة، على الرحيل من مدارسهم، يحلمون باليوم الذي ينتقلون فيه إلى ردهات الفنادق «خمس نجوم»، والشقق المفروشة، لإكمال الدراسة فيها، بدلا من الدوام المسائي، الذي اعتبروه مذيبا لطعم التعليم. وكانت بعض المشروعات الحديثة، وأعمال ترميم طالت بعض المدارس، أجبرت إدارة التعليم بمكةالمكرمة على نقل الطلاب لمدارس مسائية، إلا أنهم رفضوا ذلك، متمسكين بأحقيتهم في التعليم الصباحي، ولو في فنادق الخمس نجوم والشقق المفروشة، لأن استمرارهم في الدوام المسائي يفقدهم طعم الدراسة الحقيقي، ويحرمهم من مزاولة الأنشطة الطلابية. لكن سرعان ما تحولت الأمنية الطلابية إلى أمنية عامة، حيث تحالف المعلمون مع مطالباتهم، الذين حددوا خيارين أمام التعليم «عليهم إما الاستفادة من الدور الفندقية، أو تأجيل أعمال الترميم إلى الإجازة الصيفية». ومنذ بداية العام انتظم الطالب أمجد أسامة جعفر في مدرسة مسائية، نظرا لوجود عملية ترميم في مبنى المدرسة، إلا أنه شعر بالفارق بين الدوامين، فالمسائية باتت مرهقة ومتعبة إلى حد كبير، نظرا لاختلاف التوقيت بين أفراد الأسرة، خاصة إذا كان هناك طلاب في مدارس أخرى «يضطر الكثير من الطلاب إلى السهر طوال الليل والنوم طوال النهار ما يفوت عليهم فرصة الاستذكار والمراجعة». ويتفق الطلاب راكان السرواني وحازم معتوق البكري ويوسف زيني على أنهم افتقدوا طعم الدراسة الحقيقي في الدوام المسائي «افتقدنا الطابور الصباحي والإذاعة المدرسية والرحلات والزيارات، فاضطررنا إلى البقاء في مدرستنا المسائية نظرا لقربها من منازلنا، ونحن في شوق كبير إلى الدراسة في الصباح مثلما كان يحدث في العام الماضي». ويصف المعلم بكر هوساوي، الدراسة المسائية بالمرهقة بكل ما تعنيه الكلمة سواء للمعلمين أو الطلاب أو أسرهم «عمليات الترميم من الأولى أن تتم خلال الإجازة الصيفية وبسرعة كبيرة، على أن يقل استيعاب الطالب في الدراسة في الفترة المسائية وبنسبة كبيرة، نظرا لأن الدراسات والبحوث التعليمية أكدت أن الاستيعاب يكون أكثر وأسرع في ساعات الصباح الأولى، والمعاناة تزداد على أولياء الأمور بصورة أكبر خاصة إذا كان في الأسرة أكثر من طالب أو طالبة في عدة مدارس». ولم يستطع معلم التربية الإسلامية حسين المسعودي على الدوام المسائي «على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تحويل مدرستنا بسبب عملية الترميم، حيث أضطر لتوصيل بقية أبنائي في الصباح الباكر، ثم العودة إلى المنزل, وبعد الظهر أعود لإحضار أبنائي، ثم الذهاب إلى عملي في المدرسة المسائية، التي تنعدم فيها كافة الأنشطة نظرا لضيق الوقت، إضافة إلى قلة تركيز الطلاب، لذا يتعين على إدارات التربية والتعليم عمل الصيانة أو الترميم للمدارس قبل وقت كاف من بداية العام الدراسي، مع أهمية المتابعة الجادة والمستمرة للمقاولين والشركات المنفذة لضمان سرعة الانتهاء من عمليات الترميم في الوقت المحدد». وأشار المعلم عبدالله العتيبي، إلى أن تأخر تنفيذ المشروعات، دفع المعلمين لرفع مقترح إلى الإدارة العامة للتربية والتعليم بمكةالمكرمة؛ لتوفير حلول بديلة من قبلها تتمثل في الاستفادة من الدور الفندقية بحيث يتم استئجار الميزانين في الفنادق لسنة دراسية، ويتم تدريس الطلبة في الفترة الصباحية، بدلا من الدوام المسائي الذي قد يضر بتحصيل الطلاب ويتعارض أيضا مع التزامات المعلم سواء الشخصية أو العائلية» .