الطالب البليد هو الذي لا يعي دروسه جيدا. وعلى ذمة المجلس البلدي في مدينة جدة، فإن هذه المدينة الموعودة بالكوارث مليئة بمعاشر البلداء. «بح صوتنا»، قال بسام أخضر عضو المجلس البلدي الذي أكد أنه كان بالإمكان تجنب الكثير من النكبات التي حدثت «لو نفذت الدراسات التي اعتمدتها هيئة المساحة الجيولوجية بالاشتراك مع جامعة الملك عبدالعزيز، لكن تأخر المالية في صرف الاعتمادات المقررة تسبب في تأخر البدء بإطلاق المشروعات». يضيف أخضر «سمعنا كلاما كثيرا وتعهدات عديدة وأرقاما كبيرة، لكننا لم نجد على أرض الواقع أي شيء جرى إنجازه بالفعل.. كأننا لا نريد أن نستفيد من الدرس». انتهى كلامه. ويبدو أن أخضر وضع يده على جرحنا الذي لا يزال طريا أخضر. الأمر الوحيد الذي لم تطله يد الغلاء، وما زال مجانيا هو الكلام. الوعود والتعهدات. وما دام الكلام بلا جمرك فسنظل جميعا كالعميان نسمع ونسمع ونسمع، لكننا لن نتمكن من رؤية شيء، أي شيء، على الإطلاق. هل رأى أحدكم من قبل وجه شخص تعرض لأكبر مقلب في حياته؟ حسنا.. هناك وجوه كثيرة مشابهة في حي «أم الخير» بجدة، الذي كان يوصف قبل أيام فقط بأنه «مجمع سكني راق»، لكنّ لله جنودا من مطر، أزاحت الستار وكشفت القناع، و«أظهرت المستخبي»، إذ اكتشف سكانه أنهم اشتروا ب «صكوك موثقة» حفرة في مجرى سيل. وكان البائع – يا للمصادفة - مستشارا في أمانة جدة. وبالمناسبة.. فقد كان للأمين السابق – صدقوا أو لا تصدقوا - 11 مستشارا. هل ننتظر 11 «أم خير» أخرى! ويقال والعلم عند الله، إن تحقيقات أجريت «على قدم وساق» إبان الكارثة الماضية، لكن عاما كاملا مضى ولم تظهر أية نتائج على الإطلاق. قلت قبل قليل إننا كالعميان نسمع ونسمع ونسمع. أتراجع.. العميان أفضل حالا، فثمة أشياء لم ولن نسمع عنها شيئا. أمين جدة أبو راس قال إن الأوضاع «عادت إلى طبيعتها». لكن بعد ماذا؟ بعد خراب مالطا؟ بعد مناظر الغرقى والدمار التي باتت شيئا معتادا؟ بعد ماذا؟ أما وزير الشؤون البلدية فكان صرح قبل أيام قليلة من أمطار جدة بأن «جدة تنتظر المطر، لكسر الحاجز النفسي». جاء المطر، لكن عوضا عن الحاجز النفسي فإن الشوارع المهترئة هي التي تكسرت.. الثقة بكل الوعود أيضا.