ليس ذنبا إن رفعت إصبعها وصاحت ببراءة «أنا»، فهي لا تعي من الكون إلا وجودها على كوكب الأرض الذي لم تدرك مخلوقاته حتى الآن كيف تعيش بسلام، وكل الذنب في مباغتة تلك الطفولة وردة فعل معلمتها على ذاك الخطأ المتعارف عليه تعليميا لتقول لها «عساك بالونا وتموتين وأعيش أنا»! لا تدققوا في كون «الأنا» قد خرجت من كيان تربوي كان للتو ينهى عن نطقها، بل تأكدوا أن بعض منسوبي قطاع التعليم لا يملكون أبسط أساليب الإرشاد والتوجيه، وليست لديهم معايير للفكر ولا للمستويات العمرية التي تمر بها المراحل الدراسية. ألا يكفي أن يرى العقل الصغير أن وجوده على هذا الكرسي فُرض عليه حتى يفرض عليه مرة أخرى عدم لفت الانتباه لشخصه في كلمة لم يخترها هو، فغالبا ما ينادى في الأسابيع الأولى من دراسته ب «أنت» إلى أن يُحفظ اسمه وسنوات عمره التي سبقت هذا اليوم والمحملة ب «أنا» وهمومها الصغيرة. يقول أينشتاين «أكثر المدارس سوءا مدرسة تعمل بمناهج التخويف والاستقواء والسلطة المصطنعة.. إن تعاملا كهذا مع التلميذ يدمر استقامته وثقته بنفسه ويفسد مشاعره النقية». فكيف إذا عرف أن مدارسنا تفشى السوء في أغلبها؟ ليس من الصعب أبدا غرس المفاهيم الإسلامية في تلك الأرواح، ولكن الصعب ممارستها دون وعي وتطبيقها في تعاملنا معهم قبل أن نجبرهم على الطاعة! يجب أن يعي المجتمع وعلى رأسهم هذا القطاع التعليمي رغبة الطفولة في فهم حتى التعرجات التي يرسمها بقلم رصاصه ويمحوها ليبقي صفحته بيضاء، بينما تتسع لملامحه حين يشكلها ونتقبلها كتربويين بالفطرة. أكاد أجزم أن ثلاثة أرباع طلابنا بدؤوا رحلة البحث عن الذات بكل طاقاتهم، وسيبحرون وحدهم إلى حيث يجدون الأمان ويصلون إلى قمة طموحاتهم، فلم يعد هناك طفل غبي، وصدق آباؤنا حين علمونا أن نطق الكلمة في غير محلها يعود علينا!