في ظل الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية حاليا، مع ظهور الدليل تلو الدليل على إخفاق «راعي السلام!!» الأمريكي، وهو الوسيط الأساسي في مفاوضات السلام، في إلزام الجانب الصهيوني بالحد الأدنى مما توجبه الاتفاقات الدولية، أو حتى الاتفاقات التي يوقعها هو بنفسه، مستغلا حالة الانشقاق في الصف الفلسطيني، فإن هذا يوجب على الفعاليات الفلسطينية إجراء إصلاح شامل لمنظمة التحرير، وإعادة بنائها على أسس «وطنية وديموقراطية»، فقد عانت المنظمة خلال السنوات الأخيرة من تهميش، ليس فقط في تغييب مؤسساتها سواء اللجنة التنفيذية، أو المجلسين المركزي أو الوطني، بل كذلك غياب الاتحادات الشعبية التي مثلت القاعدة الجماهيرية الأساسية لها، وتكريسا لتغييب المنظمة بكافة مؤسساتها فقد تم أحيانا، وعند الحاجة، استحضار بعض مؤسساتها لتمرير بعض القرارات، والتي لم تكن تحظى بأغلبية شعبية فلسطينية، مثل تغيير الميثاق الوطني الفلسطيني، أو تمديد فترة ولاية الرئيس أبو مازن، ومن بعدها تمديد فترة ولاية المجلس التشريعي، لكنها لم تجتمع مثلا أثناء أو بعد الحرب الصهيونية على قطاع غزة، والتي هي حرب على جزء أساسي من الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني. إن الوضع الفلسطيني الراهن واستمرار الاحتلال الصهيوني وممارساته، توجب مراجعة كل السياسات، وحتى تكون المنظمة ممثلا فعليا وشرعيا لكل أطياف الشعب الفلسطيني، والإطار الوحيد الجامع له، فهي تحتاج إلى إعادة بناء على أسس وطنية وديمقراطية وبانتخابات شاملة لكل مؤسساتها، واعتماد التمثيل النسبي في الانتخابات، في كل المستويات التشريعية، وانتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، وحسب اتفاق القاهرة عام 2005 الذي ينص على إعادة تشكيل المجلس الوطني على قاعدة الانتخابات عبر الطريقة النسبية، وعليه فلتطرح كافة الفصائل برامجها السياسية، والشعب الفلسطيني هو صاحب القرار، وعبر صناديق الانتخابات بإمكانه أن يحدد من يختار. وإذا كان من الخطأ أن يتم التنكر لمنظمة التحرير وتاريخها النضالي، فإنه من الخطأ كذلك أن يهيمن عليها فصيل واحد، وتتحول إلى أداة لتشرع قرارات بعينها، والانقسام الفلسطيني، مهما كانت مبرراته، غير مقبول، وقد ألحق بالشعب الفلسطيني الضرر، وبقضيته الخلل، فالمفاوض السياسي الفلسطيني بات أكثر ضعفا، والمقاوم العسكري أصبح ضعيفا وتضاعفت عليه القيود، الأمر الذي يفرض على الطرفين الرئيسيين في المعادلة الفلسطينية، حركتي فتح وحماس، الخروج من دائرة التراشق والاتهامات المتبادلة، والدخول في دائرة الحوار.