قد يبدو مفهوما أن تكتسح اللغة الصينية أرجاء العالم ما دام اقتصادها يجتاح أعتى حصون الدول المتقدمة ويعصف بها، لكن الإقبال المتزايد على تعلم اللغة الكورية في أوساط الفتيات السعوديات ظاهرة غامضة لا تفهم- للوهلة الأولى- دوافع نشوئها، فما الذي يغريهن في تعلم لغة آسيوية صعبة لا يتحدث بها إلا سكان دولتين متنازعتين تقفان على شفا حرب طاحنة؟! صعوبة اللغة وندرة مصادرها، هي في مجملها أسباب محبطة كما يوحي ظاهر الأمر، لكنها تحولت إلى دوافع مشجعة لدى «عهود الغامدي»، وهي موظفة حكومية بدأت خطواتها الجادة في تعلم اللغة قبل أشهر اعتمادا على ما تتيحه المواقع الإلكترونية من مصادر مرئية وسمعية إلى جانب القنوات الفضائية التي تعرض أعمالا تليفزيونية مترجمة إلى العربية «لم يكن المعيار بالنسبة إلي إقبال الناس ولا عزوفهم، فهما ليسا مؤشرا على فرادة اللغة ولا دليلا على عدم تميزها، ورغم ما وجدته من مشقة في تعلم الكورية، واصلت مشواري بتحد وإصرار مدفوعة برغبة جامحة في استكشاف تلك الثقافة الغامضة». ولا تخفي الغامدي أن إعجابها بالثقافة الكورية بدأ مع متابعتها للمسلسلات المدبلجة قبل أن يمتد إلى المطبخ الكوري الذي باتت تتبارى مع صديقاتها في تجريب أطباقه. وإذا كانت الغامدي تطمح أن تنفعها اللغة على الصعيد المهني، فإن «إيلاف» التي لم تبلغ بعد عامها ال 11 مولعة بكل ثقافة أو موضة أو أغنية تصدرها تلك الدولة النائية، فهي لا تكف عن تقليد الرقصات التي تؤديها فرق كورية مختلفة يتفنن أعضاؤها في ارتداء أزياء صارخة لا تقل غرابة عن تسريحات الشعر المستهجنة «كونت قائمة من الأصدقاء الكوريين على موقع «فيسبوك»، ويحدث أن أحاورهم أحيانا عبر نافذة «الشات» فأنسخ عباراتهم وأترجمها في جوجل!». ولأن إيلاف ترى أن القنوات العربية تسرف في عرض المسلسلات التركية واللاتينية وتهمل الكورية، فهي تطالب المسؤولين بالالتفات إلى أعمال «أصدقائها» ودبلجتها.