بعد عام من المراهنة على أن زيادة عدد القوات المنتشرة في أفغانستان إلى أكثر من 140 ألف ضابط وجندي، أكثر من 65 % منهم من الأمريكيين، ستؤدي إلى سحق القاعدة وتكبح تمرد طالبان، وفي مراجعته للحرب، زعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحقيق تقدم فيها، وأنها تسير على الطريق الصحيح رغم أن هذا العام شهد وقوع عدد قياسي غير مسبوق من القتلى، زاد عن 700 قتيل، فضلا عن آلاف الجرحى، ليصبح هذا العام، وبفارق كبير، الأكثر دموية على الإطلاق، منذ بدء النزاع قبل تسعة أعوام، أضف إلى ذلك أن هذه القوات لم تنجح في كبح جماح الهجمات العسكرية التي تقودها حركة طالبان، بل إن هذه الهجمات اتسعت رقعتها لتصل إلى شمال البلاد، معتمدة استراتيجية حرب العصابات. وأدت هذه التطورات إلى خلافات علنية مع حلفاء واشنطن في كابول وإسلام آباد، بل وخلافات عميقة وعلنية بين القادة السياسيين والميدانيين الأمريكيين أنفسهم حول أسلوب إدارة تلك الحرب، أسفر ت عن استقالات وإقالات، كان من أبرزها إقالة قائد القوات الأمريكية هناك الجنرال ستانلي ماكريستال، بسبب تصريحاته التي أساءت إلى الإدارة الأمريكية. وأثبتت زيادة عدد القوات أنها لم يكن لها أي تأثير ميداني، وأن هذه الاستراتيجية فاشلة، ليس على الجانب العسكري فحسب، بل على الصعيد المدني والإنساني، وانتشر الفساد بصورة غير مسبوقة، إلى الحد الذي تذيلت فيه أفغانستان مع العراق وبورما مؤشر الفساد العالمي، كما أنه في الوقت الذي تتحدث فيه واشنطن عن انضمام حلفاء جدد من خارج الناتو، فإن دولا أصيلة في الحلف تستعد للانسحاب من أفغانستان بسبب ضغط الرأي العام في أوروبا، خاصة أن هذه الدول التي أعلنت عن قرب انسحابها ذات ثقل عسكري في أفغانستان، مثل كندا وألمانيا وبريطانيا. وعلى الصعيد الباكستاني، تزايدت عمليات قوات التحالف داخل الأراضي الباكستانية، ما أسفر عن سقوط الكثير من الضحايا ب «النيران الصديقة»، وتترك هذه الفاتورة الباهظة التي يدفعها الباكستانيون من أرواحهم ثمنا لما يعتبرونه «نزاعا مستوردا» لا ناقة لهم فيه ولا جمل، بل صدّرته أمريكا من أفغانستان المجاورة، الأمر الذي يغذي شعور العداء لأمريكا، وما يزيد الوضع تعقيدا الانتقادات التي يوجهها مسؤولون في واشنطن إلى رجال الجيش والاستخبارات الباكستانيين بالتهاون الذي يصل إلى حد التواطؤ مع طالبان أفغانستان. وتترك المراجعة الأمريكية أسئلة مهمة حول مستقبل الحرب في أفغانستان دون أجوبة، ومن بين تلك الأسئلة: هل تنجح حكومة حامد كرزاي الموالية في الإمساك بزمام الأمور؟ هل ستظهر القوات الأفغانية على أنها قوة مقاتلة حقيقية وندا لقوات طالبان والقاعدة؟ ما هو حجم الوجود الأمريكي العسكري والمدني بعد الانسحاب؟ وما غايته؟