الدراما السعودية تحولت 380 درجة، وأصبحت تتنافس في عرض عضلات النكتة لديها، منذ مدة طويلة لم أشاهد مسلسلا دراميا من نوع 300 علبة كلينيكس في الحلقة الواحدة (باستثناء مسلسل «الساكنات في قلوبنا») ولكن ما سبب اتجاه التمثيل لدينا إلى الكوميديا بهذا الشكل، حتى إنها أصبحت أقرب إلى التهريج منها إلى الكوميديا، طبعا باستثناء بعض الأعمال حتى لا تكون نظرتي مجحفة، لكن الأغلب أصبح يفتقر إلى الهدف، أو ربما لم يتقن إيصال الفكرة بالشكل المطلوب وبالتالي لم تكن هناك رؤية واضحة حول الهدف. الآن أصبحت حتى النكتة تهدف إلى رمزية معينة، وبغض النظر عن خصوصية نوع من المسلسلات ببلد معين، فما أعتقده أن الكثير من شركات الإنتاج لم تعد تعير التأثير التلفازي على المشاهد اهتماما أكثر مما تعيره للعائد من خلال جذب الجماهير الضئيلة الثقافة وهي بلا شك الأغلب في العالم، فالإعلام الآن أصبح وسيلة من وسائل التربية الحديثة ويؤثر في سلوك الإنسان بشكل أو بآخر، على حياته وثقافته ومجتمعه وبيئته أيضا، ولا أتوقع أنهم يدركون خطورة الأمر أو أنهم يتجاهلونه. حينما أبث للعالم فكرا وتصورات عن مجتمع معين بصورة أرغب من خلالها في (إضحاك سن) المشاهد لن أدرك مدى استجابة العقل الباطن لها، وأرى أن الكثير من تلك المسلسلات الكوميدية تحاول إظهار المجتمع السعودي بالمجتمع الذي لم يستطع حتى الآن إدراك الحضارة وأنه يحتاج إلى الكثير حتى يصل إلى مستوى ثقافي معين. لا أقول إن هناك مجتمعا منزها في العالم، لكننا تخطينا مرحلة السخرية غير الهادفة بلسان الكوميديا وبتنا أكثر حاجة لبث خواص المجتمع بأوجه عدة، وخيالات الكتاب لم تنضب بعد، فليسوا بحاجة إلى أفكاري الجهنمية لإبداع عمل تلفازي أو سينمائي يتعدى وصف حالتنا المزرية إلى وصف طموحاتنا وآمالنا وخطوات أبناء ناجحين كابدت للوصول إلى الهدف.