عقب اجتماعاتها الأخيرة مع إيران، أعربت الدول الغربية عن وجهة نظرها فيما يتعلق بالملف الإيراني، التي تتلخص في ضرورة الإبقاء على العقوبات، ومنحها بعض الوقت حتى تؤتي ثمارها، مع عقد اجتماع جديد مع طهران تستضيفه تركيا الشهر المقبل، ويأتي ذلك بينما بدأت إيران في استخدام الوقود الذي استوردته من روسيا في محطتها النووية في بوشهر على شاطئ الخليج العربي. وهذه المنشأة وفقا لتأكيدات أمريكية لا تزال هامشية بالنسبة إلى المشكلات التي يثيرها البرنامج النووي الإيراني؛ لأن المشكلة الحقيقية تكمن في منشآت أخرى وأهمها منشأة « ناتانز » النووية، ومقرها السري في منطقة قم، والمنشآت الموجودة في أماكن أخرى التي من المعتقد أن إيران تمارس فيها برنامجها النووي الخاص بالتسليح. وتجدر الإشارة إلى أن محطة بوشهر التي تأخرت عملية الانتهاء منها عدة مرات تتمتع بخاصية عدم وقوعها تحت طائلة العقوبات الدولية التي تعرضت لها إيران، ويكمن السبب في ذلك في أن موسكو قد تعهدت باستعادة كل الوقود المستخدم، الأمر الذي سوف يمنع تحويله إلى أغراض عسكرية. ومن جانب آخر، تبذل إيران قصارى جهدها لتقديم محطة بوشهر في شكل إنجاز عظيم لتظهر عدم جدوى الضغوط الخارجية التي تتم ممارستها على البلاد. والعقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية لم تؤد حتى يومنا هذا إلى تغيير مسلكها فيما يتعلق بالملف النووي، ولكنها أسهمت فقط في زيادة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، وتمارس أمريكا ضغوطا مكثفة على إيران عن طريق العقوبات التي أقرتها، والتي تستهدف المصالح الإيرانية، خاصة في قطاع الطاقة، وهو قطاع حيوي بالنسبة إلى الاقتصاد الإيراني، وهذه الإجراءات التي اتخذتها أمريكا، بالإضافة إلى تلك الإجراءات الأخرى التي اتخذها كل من الاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرين لواشنطن، وجهت رسالة من الصعب التراجع بشأنها، إلى شركات البترول الكبرى والوسطاء الدوليين الذين قلصوا أنشطتهم في إيران.. وهكذا يستمر الملف النووي الإيراني يتراوح بين العقوبات والمفاوضات والتلويح بالقوة العسكرية.. فأي من الخيارات الثلاثة سيكون له الحسم؟